على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

هناك تجارب مختلفة لشخصيّات سياسيّة تعاملت مع حالة احتجازها. في بعض هذه الحالات، هناك بطولات، وفي بعضها الآخر كوارث شخصيّة وسياسيّة. ميشال عفلق لم يحتمل وضعه في برميل براز. كتب بُعيدَ اعتقاله إلى حسني الزعيم يسترحمه قائلاً: «إنني قانع كلّ القناعة بأنّ هذا العهد الذي ترعونه وتنشئونه يمثّل أعظم الآمال، وإمكانات التقدّم والمجد لبلادنا، فإذا شئتم فسنكون في عداد الجنود البنّائين، وإذا رغبتم في أن نلزم الحياد والصمت، فنحن مستعدون لذلك». هذه بقيت مدار سخرية من الناصريّين وأعداء البعث على مدى عقود. أنطون سعادة لم يتهاوَ وفاجأ سجّانيه بصلابته وهيبته في الأسر. قارن ذلك ببعض «شهداء» 6 أيار الذين لم تقوَ ركابهم على حملهم إلى المقصلة: روى شاهد عيان في شهادة حيّة في تلفزيون لبنان كيف ولولوا وانتحبوا. القوميّون السوريّون في معتقلات المكتب الثاني كانوا في معظمهم أبطالاً. رمى زبانية فؤاد شهاب عبدالله سعادة من أعلى الدّرج وكسروا فقرات عموده الفقري ولم يلِن. إنعام رعد انهار والغريب أنه تبوّأ في ما بعد منصب رئاسة الحزب. أبو أياد، مثلاً، اعتُقل خلال «أيلول الأسود». روى إبراهيم سلامة بعض ما حدث، وبعضه الآخر أسوأ ممّا رُوي. خرّ أبو أياد على ركبتيه وانتحب طالباً تقبيل يدَيْ وقدمَيْ الملك حسين. أخذوه إلى مبنى الإذاعة حيث طفق يُدين المنظّمة التي انتمى إليها. وعندما أُفرج عنه ورحل إلى لبنان، تناسى ما حدث. صدّام حسين كان صلباً في الاعتقال لكنه ما كان يجب عليه، كزعيم متغطرس مهووس بمكانته في التاريخ، أن يسمح للقوات الأميركيّة باعتقاله. لو أنه انتحر في الأسر، كان حرم قوات الاحتلال من غنيمة دعائية. لكنه عاد ووقف شجاعاً قبل شنقه. سجناء المقاومة اللبنانيّة في فلسطين المحتلّة صلبون من طينة ومعدن جبّار. لم يسبق أن انهار أحدهم في المعتقلات، بعكس حالات كثيرة للمقاومة الفلسطينيّة والحركة الوطنيّة. لكن لا يستطيع المرء أن يعِظ بالصّلابة من دون أن يمرّ بالتجربة الصعبة. من يدري كيف يمكن أن يتعامل المرء مع حالة كهذه؟

  • هذا دور رياض سلامة في تسليع الدواء في لبنان

0 تعليق

التعليقات