على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

الإنترنت قاسية على الجميع، لكنّها أقسى على الطامحين السياسيّين. خذوا حالة ملحم خلف. اقتحم الرجل الحلبة السياسيّة والعامّة بقوّة عندما انتخبه الثوّار (بقيادة حزب الكتائب الثائر) نقيباً للمحامين. والثوّار تبادلوا التهاني: وجدوا دانتون ثورتهم. قرّر الجميع أنّ تاريخ لبنان قبل انتخاب ملحم خلف ليس كما بعده. اعتبروا أنّ انتخابه شكّل أكبر ضربة قاضية للسلطة الحاكمة. لكنّ الإنترنت دخلت على اللعبة بظرفائها الذين عكّروا على ملحم خطته. الرجل الذي كان يُعوَّل عليه لقيادة المرحلة الثوريّة تحوّل بسرعة إلى أضحوكة. بعض المقاطع من «علّوش» و«جاد سعد» و«متجهّم» و«نضال»، فيما أصبح مقطع ملحم الذي يقول: «أنا حلم آت. أنا حلم يتجسّد بعد عشرين سنة وأربعين سنة» لازمة على تويتر. لا ندري إذا كان ملحم قد تدرّب على قول العبارة التي أصبحت شهيرة. على الأرجح هو تدرّب عليها وصاغ عبارته بحرص شديد. وكلامه ــــ للأمانة ــــ لم يكن عن نفسه بل عن الأجيال الجديدة. لكنّ العبارة اقتُطعت وأصبحت مضرب مثل عن ملحم خلف. قطع المقطع الطريق على دور ملحم خلف، ولم نعد ننظر إليه بالطريقة نفسها. لديه طريقة مسرحيّة في الحديث وهناك وجه أفسد إعلاميّ في اللقطة وهو يحدّق في وجه ملحم يكاد لا يصدِّق ما يسمع. ملحم مرشّح للانتخابات النيابية. لكنّ المقطع الشهير سيلاحقه. وسيضطر أن يشرحه وأن يخرج بآخر جديد سيتناوله الظرفاء مرة أخرى. هذا من أفعال الإنترنت. كان يمكن لمسيرته أن تمتدّ لسنة أو اثنتين لكنّ «الحلم الآتي» اختصر المسيرة. غير أنّ المشكلة ليست في ملحم فقط ــــ وهناك مشكلة في ملحم من حيث تصنّع دور البطولة ــــ وإنّما في أسطورة ثورة في بلد ينوء تحت وطأة أسوأ أزمة اقتصادية وسياسيّة في تاريخه. كيف تكون ثورة وليس هناك من تغيير أو بصيص أمل؟ قد يكون التغيير الموعود من قبل الثورة هو استبدال بطرس حرب بابنه. من المرجّح ألّا يفوز ملحم خلف. حاول جاهداً أن يكون قائداً لثورة غير موجودة. الحلم ليس آتياً أبداً!

0 تعليق

التعليقات