يوم ميشال سليمان. لم يمرّ على رئاسة الجمهورية شخص أقلّ أهميّة أو نفوذاً أو دوراً من ميشال سليمان. كان الرجل جنرالاً، ما يعطيك فكرة عن جديّة فكرة حصريّة السلاح بيد جنرالات الدولة العليّة. ماذا يفعل ميشال سليمان أثناء النهار؟ كان قد أنشأ تجمّعاً سياسيّاً أسماه «الجمهوريّة»، لأنّه ظنّ أنّ الجمهوريّة طُوِّبت له. أتى بكلّ الوزراء الذين عيّنهم والإعلاميّين الذين نالوا من عطايا الصندوق السرّي للرئاسة وقال لهم: لنلتقِ مرّة في الشهر. تجمّعوا حول طاولة كبيرة ووضع ميشال أوراقاً أمامه وتصنّع سيماء الجديّة على وجهه. ميشال سليمان ليس مزوحاً. هو قائد الجيش ورئيس بالصدفة. غازي كنعان قدّرَ فيه طاعته لا كفاءته ونصّبه قائداً للجيش. والحزب اعتبره من حصّته وسانده في رئاسة الجمهوريّة (هل سيساند جوزيف عون أيضاً)؟ ميشال سليمان لم يصدّق أنّه أصبح رئيس جمهوريّة. وفي البداية، كان محمد رعد من زوّاره الدائمين، وكانت خطبه الممانِعة تجعله هدفاً دائماً لجماعة 14 آذار. حتى في قيادة الجيش، كان يوجّه التهاني على الرايح والجاي لبشّار الأسد. لكن في مرحلة معيّنة من الرئاسة، (لم) يتلقَّ ميشال سليمان مبلغاً كبيراً (بالملايين) من الحكم السعودي. وعندها فقط تغيّرت كل مواقفه جذريّاً وابتاع شقة في باريس. عندها، أصبح دائم المديح للنظام السعودي وأحد أبواقه الدائمين. لكنّه ليس مرغوباً كضيف في الإعلام. لا قاعدة له. لم ينجح في إيصال نائب عندما كان رئيساً. وحدها ــــ للأمانة ــــ بولا يعقوبيان كانت تستضيفه بشكل دائم في محطة الثورة، «المستقبل». كانت تأخذه على محمل الجدّ وتطلب تحليلاته لقضايا تمتدّ من البلقان إلى الصين بحكم تمرّسه في القضايا الإستراتيجيّة (ألم يُشرف مرّة في قيادة اللواء الثامن على إقفال الشوارع لمرور شاحنات الغذاء للجيش؟). يطالع الصحف، ويسأل مساعده رشوان إذا كانت هناك طلبات لمقابلات إعلاميّة. يسأل عن آخر تغريدات السفير السعودي. يزور شقته في باريس. لم يعد لقاء «الجمهوريّة» يجتمع. هجره أصحابه. يتلو نص إعلان بعبدا قبل أن يخلد إلى النوم.