أصدر المهندس المعماري عصام س. الشمالي قصّة مصوّرة هي الثالثة في سجلّ مؤلّفاته، بعنوان «أصداء مدينة لامرئية» (دار شرق الكتاب ــ بدعم من آفاق ــ رسم: شوقي يوسف ــ قدّم له نقيب المهندسين جاد تابت)، سيوقّعها بعد غدٍ الجمعة ضمن الدورة الـ 63 من «معرض بيروت العربي الدولي للكتاب».«كنت أعمل عليه منذ سنة ونصف سنة، أي خلال كلّ المصائب التي عصفت وما زالت تعصف بلبنان وفي ظلّ الحجر والإحباط»، يقول الشمالي لـ «الأخبار».
تتمحور القصة حول مهندسة معمارية تحاول التصالح مع ذاتها. نجدها تخرج من محترفها في إحدى المدن قاصدة المكان الذي اعتادت زيارته للراحة بعد نهار عمل طويل. وهناك حيث تجلس، ترى مبنيَيْن: الأوّل حديث مصمّم بإتقان، بينما الثاني تقليدي مهمل ومتواضع. ترى في المبنى الحديث انعكاساً للرجل الذي تحبّ، وفي خصائص المبنى التقليدي انعكاساً لصورتها. تحاول إسقاط علاقتها العاطفية الرتيبة وتتخيّل:... في حال وقع انفجار، هل سيكون هناك وصال معماري بينهما؟ وتواصل تخيّلاتها عمّا يحصل في الانفجار وكيف تتداخل أجزاء البناء بعضها مع بعض... وكيف لم تعد لدينا أجزاء خاصّة داخل البناء. تتابع المهندسة من حلم إلى آخر، لنراها وسط الركام: «لم نعد نستطيع التفريق بين الحلم والواقع». في الجزء الثاني، تمشي المهندسة بين الركام وتفكّر بنتيجة الوصال المعماري، ليأتي وقت تُبنى فيه مدينة جديدة. هنا، نكون أمام حوار بين المبنى الحديث والتقليدي والمدمّر. تتحدّث المباني الثلاثة عن كيفية بناء مدينة جديدة، فيما الركام هو الذي ينهض ويبدأ بالبناء وليس الإنسان الذي يُترك جانباً لأنّه أخفق في البناء التقليدي والحديث، ولا يستطيع إعمار مدينة إنسانية بشكل كافٍ.
يضع الشمالي خبرته الهندسية في بناء سرديته القصصية، مسقطاً ما حصل في بيروت وواجهتها البحرية (لا يذكرها بالاسم) من تشوّهات لصالح مشاريع تجاريّة جشعة أفقدتها رونقها. كما يصوّر بكلماته انفجار مرفأ بيروت من خلال الأحداث والأفكار حول إعادة الترميم وإعادة تأويل المدينة، والتفكير بإعادة إحياء الماضي أو السعي إلى بناء المستقبل: «ألغينا الحدود بين الداخل والخارج في الفضاءات، معتقدين أنّنا مثلها قادرون على التمدّد بدورنا إلى ما لا نهاية». المهندس الذي يحاول أنسنة العمارة، يقول: «هناك مقولة معروفة عن أنّنا نكوّن البناء والعكس صحيح... من هنا، أتتني فكرة أن يصبح البناء قادراً على الحديث مع بناء آخر، وبالتالي أصبحت الأبنية التقليدية والحديثة والمدمّرة والمرأة الشخصيات الرئيسة للقصّة». يريد الشمالي من خلال مؤلفاته إيصال نظرته الوجودية للهندسة، كما يرغب في الحديث عن الأمل الذي يمكن استمداده من المدينة المدمّرة التي نعيش فيها. كتب الشمالي قصّته للجميع: «الأهم هو إعادة النظر في المفاهيم الموجودة حول الهندسة وهي دعوة للقيام بنقد حقيقي على البناء الذي نعيش فيه». هكذا، سيتابع حوار الأبنية في منشوراته المقبلة بعدما بدأه في كتابه السابق «قصة حب معمارية»، فيما وضع مسوّدة عمله الرابع الذي «يحكي عن نوع آخر من أنسنة البناء». علماً بأنّ كلّ مَن يريد الحصول على الكتاب، يمكنه أخذه بغلاف أبيض يرسم عليه شوقي يوسف بشكل حيّ ما يرغب به الشاري.

* توقيع قصة «أصداء مدينة لامرئية»: بعد غدٍ الجمعة ــ الساعة السادسة مساءً ــ مجمّع «سي سايد آرينا» ضمن «معرض بيروت العربي الدولي للكتاب».