على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

البأس والشدّة وحتى القسوة في قادة المقاومة ميزات مهمّة. كانت معدومة عند قادة المقاومة الفلسطينيّة الذين اتسموا باللين الشديد. أحياناً، كانت تصدر أحكام ضدّ أشخاص بالفساد والقتل وحتى العمالة، لكنها كانت تُعلَّق خصوصاً عندما تكون العقوبة إعداماً. كان جورج حبش قريباً من سليم الحصّ بالنسبة إلى عقوبة الإعدام، لكنّ رفاقه كانوا أحياناً يفرضون عليه الشدّة. مثلاً، أراد وديع حداد منع انشقاق «الجبهة الديموقراطيّة» بالقوّة، إلا أنّ حبش مانع ورعاها عرفات. أعدمت الجبهة الشعبيّة أبو أحمد يونس (يونس البجيرمي) الذي كان مسؤول الأمن في الجبهة وعضواً في المكتب السياسي. أدين بجرائم وتهم فساد، ولا نزال نجهل سبب إعدامه. كان يونس قد انضمّ إلى انشقاق «الجبهة الشعبيّة الثوريّة» في عام 1972 ثمّ عاد إلى حضنها، بالرغم من اتضاح علاقة الانشقاق بالاستخبارات العراقيّة. مسؤول آخر في الجبهة، وليد قدّورة (عضو في اللجنة المركزيّة للجبهة)، أدين بتهم التجسّس لمصلحة المكتب الثاني اللبناني (وكتابته محاضر اجتماعات لمُشغّليه). اعتقد كثيرون (بمن فيهم هيلدا حبش) أن قدّورة كان عميلاً إسرائيليّاً. لم يُعدم قدّورة الذي كان يتّهم غسان كنفاني بالبرجزة. علاقة قرابة بين قدّورة وبين قيادي في الجبهة حمته، ثم هُرِّب أثناء فوضى صيف الاجتياح الإسرائيلي. لجأ قدّورة إلى الإمارات حيث عمل في صحافتها. الحديث هنا عن رخاوة ولين قياديّي المقاومة الفلسطينيّة. لا تستطيع أن تقود ثورة أو حركة مقاومة بقرع الطناجر. قيادات كل من المقاومة الفرنسيّة والمقاومة الجزائريّة كانت من معدن آخر. لم تكن قيادات حركات المقاومة هناك تتورّع عن تنفيذ حكم الإعدام ضدّ متعاملين مع العدوّ وجواسيسه. «جبهة التحرير الوطني» الجزائريّة كانت شديدة الحزم والبأس. عرفات كان يلغي أحكام عقاب نتيجة استعطاف العائلة. المقاومة الإسلاميّة في جنوب لبنان كانت أشدَّ بأساً وحزماً. تشعر بأنّ قيادتها لا تتورّع عن اتخاذ قرارات ضدّ جواسيس أو عملاء. لكن بعد التحرير تغيّر المسار وسلّمت أمرها للدولة. والدولة خاضعة لاعتبارات الطائفة ورجال الدين يعطفون أحياناً على العملاء والجواسيس. الطائفة ملاذ أخير لهم.

0 تعليق

التعليقات