يقول أحد العاملين في القطاع الإعلامي، إنّه اتصل بأكثر من خمسة مخرجين لبنانيين لتوقيع برنامج تلفزيوني محلّي، لكنّهم اعتذروا بحجة انتقالهم إلى الرياض. خطوة غير مستغربة. فمَنْ يراقب نجاح الحفلات والبرامج السعودية التي تتزامن مع «الانفتاح» الفنّي في الرياض، يعرف أنّ معظم من يقفون خلفها هم مخرجون لبنانيون. هؤلاء باتوا رقماً صعباً بعدما اكتسبوا خبرة لا بأس بها في صناعة البرامج الترفيهية، تعزّزت بسبب تعاونهم مع mbc لسنوات، خصوصاً عبر النسخات العربية من برامج عالمية، من بينها «ذا فويس» و«للعرب مواهب». لكنّ الفورة الفنية التي عاشتها بيروت لسنوات في ظلّ وجود أهم القنوات الخليجية فيها، انتهت بعد قرار mbc ترك العاصمة اللبنانية، لأسباب تتعلّق بالسياسة وبإدارة القناة السعودية.في الخريف الماضي، أفاق العاملون في «العربية ــ الحدث» في دبي على قرار مديرها العام، ممدوح المهيني، نقلها من دبي إلى الرياض تدريجاً. يومها، أرجعت المصادر الأسباب إلى خلافات بين «الشقيقين» السعودي والإماراتي.
بدأ التنفيذ سريعاً بتوسيع استديوات «العربية ــ الحدث» في العاصمة السعودية، تمهيداً لانتقال جميع الموظفين إليها على ثلاث مراحل، تنتهي في الصيف المقبل، تكتفي «العربية ــ الحدث» في ختامها بمكتبها الرئيسي في دبي. يتخوّف المتابعون لملف الشبكة التي تأسّست عام 2003، من خسارتها مشاهديها بسبب هذه الخطوة، بعدما فشلت في تغطية أخبار «الربيع العربي» والحرب السورية.
لكن ترك الإمارات لا ينطبق على «العربية» فقط، بل على كلّ الإعلام السعودي الذي يتخذ من غير الرياض مقرّاً رئيسياً له. هنا، تلفت معلومات حصلت عليها «الأخبار» إلى أنّه بعد انتقال «العربية»، بدأ التمهيد لهجرة قناة «الشرق» إلى الرياض أيضاً. فالمحطة التي انطلقت قبل أقلّ من عامين، أخذت العلم بترك المكاتب الأساسية في دبي للاستقرار في المملكة. اللافت أنّ الشاشة التي كان ستحمل بداية اسم «بلومبيرغ العربية»، حظيت بميزانية لافتة وأنشأت مع ولادتها استديوات جديدة خاصة بها في دبي. على الضفة نفسها، توضح مصادر لـ «الأخبار» أنّ «الشرق» لم تنل رضى السعوديين، ولم تشكّل منافسة لباقي القنوات الخليجية، ولا سيّما أنّها انطلقت بناءً على قرار محمد بن سلمان بحشد المزيد من الإعلام التابع له لتلميع صورته بعد مقتل الصحافي جمال خاشجقي (1958 ــ 2018) في إسطنبول. لكن رغم الدعم المالي، لم تستطع «الشرق» أن تشكّل علامة فارقة في الإعلام السعودي، وبقيت انطلاقتها متعثّرة. فهل هي قادرة على تحمّل تغييرات جديدة والانتقال إلى الرياض قبل إكمال عامها الثاني.
إذاً، تستعدّ «الشرق» للحاق بـ «العربية ــ الحدث»، فتبقى mbc وحيدة في الإمارات. فما هو مصير الشبكة التي تُعتبر الأنجح خليجياً؟ تشير المصادر نفسها إلى أنّ القائمين على الشبكة اتخذوا قرار إغلاق استديواتها في بيروت، والإبقاء على مكتب تمثيلي صغير، مؤكدةً في الوقت نفسه أنّه مع «الانفتاح» الذي تعيشه الرياض، تقرّر نقل غالبية الموظفين والعاملين في استديوات بيروت إلى المملكة، ما سيؤدي إلى التخلّي عن بعضهم.
اللافت أنّ اللبنانيين لم يجدوا حلاً لوضعهم هذه الفترة سوى ترك بيروت التي ترزح تحت وطأة أزمة اقتصادية حادّة، والبحث عن فرص أخرى خارج البلاد. يرى بعضهم أنّ هذه الخطوة تصبّ في مصلحة أكثرية اللبنانيين العاملين في mbc، لأنّ الإنتاج في بيروت بات صعباً في ظلّ الخلاف السياسي مع الرياض. كما أنّه بات من الصعب استقدام ضيوف خليجيين إلى البرامج التي تُصوّر في بيروت.
في المقابل، يبدو أنّ قرار إغلاق مكتب بيروت، جاء بناءً على طلب ابن سلمان بجمع إعلامه كلّه في الرياض، بهدف تسليط الضوء على الرياض و«انفتاحها» الإعلامي والفني. علماً بأنّه يتردّد في الكواليس أنّ نقل mbc إلى العاصمة السعودية، لن يحصل قبل الصيف.
ورغم تصوير mbc مجموعة برامج سعودية بحتة، أوّلها «سعودي آيدول»، ينتظر القائمون عليها انتقال «العربية ــ الحدث» و«الشرق» إلى الرياض، ليتم البحث لاحقاً في وضع الشبكة. وتوضح المصادر أنّ لـ mbc خصوصية لأنّه رغم سَعْودتها، لا تزال تحرص على التنويع في برامجها التي تخاطب من خلالها المشاهدين على اختلاف جنسياتهم.
مع العلم بأنّ الأصوات ترتفع حالياً داخل mbc بمنع نقلها من دبي، تخوّفاً من فشلها في الرياض وتحويلها إلى قناة سعودية حصراً، بعدما كانت عربية ونجحت في تجاوز الحدود الخليجية. فهل يكون الصيف موسم هجرة mbc إلى الرياض؟