«زراعة الملح» مهنة من عمر البحر، ما زالت صامدة على شاطئ أنفه (ساحل الكورة ــ شمال لبنان)، مشكّلةً حزام أمان للشاطئ والبيئة، لكنّها تقارع زحف المنتجعات السياحية والمعامل الملوِّثة. يحتكم أوان بدء ونهاية موسم الملح للمطر، وتشتهر المنطقة ببركها المسطحة بعمق 15 سنتيمتراً، التي تُعبّأ بمياه البحر لتبخيرها بأشعة الشمس، وتتطلب كنساً وتحريكاً لمدّة أسبوعين قبل قطف الملح وتعبئته بأكياس.أما الأصناف، فتتنوّع بين الملح الخشن والناعم وزهرة الملح (اللوتس)، وهي تتبع حركة الريح. يعتبر زعيم «ثورة الملح» حافظ جريج حارس ملّاحات أنفه رأس الناطور، وهو يرفض «احتلال» المنتجعات وتغليب نمط الاستهلاك الذي يسلب السكان الأصليين حياتهم. بفعلها، تقلّص حجم الإنتاج من 35 ألف طن إلى ما بين 400 و500 طن، فيما يرفض الملّاحون تسليم ثلث إنتاجهم بسبب الأسعار المنخفضة. ويختم جريج حديثه لـ «الأخبار» بالقول: «الملح إنْ لم يستمدّ ملوحته من البحر، لكان استمدها من عرق الملّاحين». (علي حشيشو)