على الرغم من أنّ «الحركة الثقافية» لم تنجُ بنفسها من تداعيات الأزمة خلال السنتين الماضيتين، نجح الشابان زينب شعلان وأحمد شيبان قبل سنة في إطلاق مجموعة ثقافية من مدينة بعلبك، أطلقا عليها اسم «اللقاء الثقافي». المجموعة التي تحتفل في 10 تشرين الأوّل (أكتوبر) الحالي بذكرى ميلادها الأولى، تجتمع أسبوعياً لتناقش كتباً وأفلاماً ومواضيع ثقافية مختلفة في لقاءات استقطبت أشخاصاً ليسوا بالقرّاء ولا بالمهتمين بالثقافة. علماً بأنّ «اللقاء الأسبوعي» لم يتوقّف رغم كل شيء، «وهذا ما نعتبره إنجازاً، وجزءاً من تحقيق واجبنا تجاه المدينة والمجتمع» بحسب الشّابَيْن. بعد سنة، تجاوز عدد المشاركين في اللقاءات المئة بعدما بدأ بخمسة فقط، «فانتقلنا من الاجتماع في بيوتنا إلى الأمكنة العامة والأثرية كقلعة بعلبك. وباتت الجمعيات تتواصل معنا وتدعونا لإقامة النشاطات»، تقول شعلان.وُلدت الفكرة بعدما قرّر الشابان الصديقان، توسيع دائرة النقاشات من الاجتماعات المحصورة بالأصدقاء المقربين إلى أخرى أكبر تشمل قُرّاء آخرين، انطلاقاً «من حاجتنا إلى هذا النشاط الثقافي». الفرق الذي أحدثته هذه الخطوة على ما يقول شيبان هو «أنّنا أقمنا تجمّعاً لتَشارُك الأفكار من وجهات نظر مختلفة، بدلاً من أن يقرأ كلّ واحد منا بشكل فرديّ. والأهم أن اللقاء خلق لدينا التزاماً تجاه الثقافة والقراءة»، فيما تضيف صديقته أنّ المشروع «الذي يعدّ متنفّساً لنا جميعاً، بدأ بإضافة لمسة حلوة إلى أبناء بعلبك المثقّفين أساساً، واستطعنا أن نخلق مكاناً يجمعنا على اختلاف انتماءاتنا وآرائنا، ولنقول إنّ الثقافة بألف خير، رغم أنّنا نشعر أحياناً أنّ هناك أزمة ثقافية في البلد كله». ومن المواضيع التي تطرق إليها «اللقاء الثقافي» خلال السنة الأولى: الإعدام بين التأييد والمعارضة، العلاقات الشبابية ضمن المجتمع، أهمية الأعمال السينمائية والتلفزيونية ثقافياً وغيرها...
ومع أنّ اللقاءات بدأت حضورية، إلا أنّ ازدياد حالات كورونا اضطرّ المجموعة إلى نقل نقاشاتها إلى العالم الرقمي. لكن ذلك كان فرصة للتعرف إلى قرّاء من خارج البقاع، ولينضمّ إليها عدد من المغتربين. «هؤلاء الأشخاص الذين تعرفنا إليهم افتراضيّاً، هم من الأنشط وحضورهم لا يزال كبيراً وفعّالاً». وتحاول المجموعة حاليّاً الجمع بين «الأونلاين» والحضوري لضمان مشاركة مَن لا يمكنه الحضور، كالأشخاص الذين يسكنون في مناطق لبنانية أخرى، خصوصاً في أزمة النقل والبنزين.
ويتحضّر الشابان لتسجيل «اللقاء الثقافي» كجمعيّة لدى وزارة الداخلية والبلديات، ويعتزمان إطلاق موقع إلكتروني قريباً، ليكون منصّة لنشر الكتابات الثقافية المختلفة باسم «مجلة بعلبك ــ اللقاء الثقافي». كما وضعا خطة عمل لإقامة أنشطة ثقافية مع التلامذة «إذ يهمنا أن نساعد هذا الجيل الجديد ونشّجعه على الثقافة». أما على المدى البعيد، فيطمحان إلى «الانتشار على مستوى لبنان كله والعالم العربي، وأن يتحوّل الموقع الإلكتروني إلى منصة ثقافية مؤثرة».