تجري «مسابقة شوبان الدولية» في العزف على البيانو كل خمس سنوات. الحدث الأبرز في فئته كان من المُفترض أن تقام دورته الـ 18 السنة الماضية، لكنّها تأجّلت سنة كاملة بسبب وباء كورونا، وهذه المرّة الأولى التي تتعطّل فيها المسابقة منذ الحرب العالمية الثانية. قبل أيام، أقيم المؤتمر الصحافي الخاص بالمسابقة في بولندا، بحضور رئيس الوزراء الذي سحب حرف M من الصندوق الذي يحتوي أحرف الأبجدية اللاتينية، لتحديد اسم المتباري الذي سيفتتح الحدث. هذه السنة، أراد الحظ أن تفتح الصين المسابقة ممثّلةً بالعازفة شوانيي ماو (Xuanyi Mao) قبل أن يمرّ المتبارون الـ 151 (تراوح أعمارهم بين 17 و30 سنة) أمام لجنة التحكيم على مدى ثلاثة أسابيع لتحديد الفائزين بالمراتب الأولى، وفق القواعد الصارمة التي تتمحور حصراً حول أعمال المؤلف البولوني الكبير فريدريك شوبان (1810 ــ 1849) الذي عاش 39 سنة، كانت كافية لإبداع تحفٍ قد تنقرض البشرية قبلها.
يتمحور الحدث حصراً حول أعمال المؤلف البولوني الكبير فريدريك شوبان (1810 ــ 1849)

الليلة، تُفتتح المسابقة بأمسية يحييها خمسة عازفين من الفائزين السابقين بالمسابقة هم سيونغ ــ جين شو (المرتبة الأولى 2015)، يولياينا أفديفا (المرتبة الأولى 2010)، دانغ تاي سون (المرتبة الأولى 1980)، كيفين كَنِر (المرتبة الثانية 1990) وفيليبه جيوزيانو (المرتبة الثانية 1995)، يؤدون فيها أعمالاً لباخ وبيتهوفن وشومان. بعدها، تبدأ المسابقة صباح غدٍ وتستمر حتى 23 تشرين الأوّل (أكتوبر) الحالي، حيث تقام أيضاً ذكرى رحيل شوبان (17 تشرين الأول/ أكتوبر) من خلال إنشاد «القداس الجنائزي» (Requiem) لموزار، في تماهٍ مع وصية فريدريك شوبان قبل وفاته.
سنعود إلى المسابقة تباعاً، مع تطوّر مسارها وأحداثها، لكن يجب الإشارة إلى أنّ أكثر من نصف المشاركين هذه السنة من الصين (التي فاز مواطنها يوندي لي بالمرتبة الأولى عام 2000) واليابان وكوريا الجنوبية (صاحبة المرتبة الأولى في الدورة السابقة). علماً بأنّ المشاركين من الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا هم أيضاً من أصول آسيوية بغالبيتهم الساحقة!
أما البلد المضيف، فيحلّ ثالثاً من حيث عدد المشاركين (بعد الصين واليابان)، تليه كوريا الشمالية، ثم روسيا وإيطاليا، في حين تغيب بعض البلدان المهمة في هذا المجال مثل النمسا وتشارك، مثلاً، كوبا بعازف واحد فيما يشارك العدو أيضاً بعازف واحد.
كذلك، يلفت عدد المشاركات في هذه الدورة، إذ يتساوى تقريباً مع الرجال، في مسابقةٍ فازت فيها المرأة بالمرتبة الأولى ثلاث مرّات (1949، 1965 و2010). أما لناحية اللجنة التحكيمية، فقد أعلن المنظمون أنّ عازف البيانو البرازيلي الكبير نيلسون فرايري (1944) لن يتمكن من المشاركة بسبب ظروف صحية (يحلّ مكانه مواطنه أرتور موريرا ليما)، وكذلك الأرجنتينية العملاقة مارتا أرغيريتش (1941) التي قرّرت البقاء قرب صديق عمرها في محنته.