بالتزامن مع ذكرى ميلاد ألدوس هاكسلي (1894 ــ 1963/ الصورة)، أصدرت «خطوط وظلال» أخيراً، مؤلَّفاً يضمّ مقالات كان قد كتبها الروائي والناقد الإنكليزي بعنوان «العالم الآن ــ مراجعة العالم الجديد الشجاع» (ترجمة: إسكندر حمدان). وقد كتب هاكسلي تلك المقالات بعد مرور أكثر من عقدين على نشر رائعته الروائية «العالم الجديد الشجاع» (1932). في المقالات، يُجري هاكسلي مراجعة لروايته، ويتعمّق في دراسة أحداثها ويتوقّف عند التوقّعات التي تنبّأت بها حينها بالاستناد إلى الأحداث التي وقعت بعد نشرها. يتضمّن الكتاب 12 فصلاً، ومن خلالها يتطرّق هاكسلي إلى المشاكل التي تواجه البشرية، ويقارنها مع تنبؤاته التي تحقّق بعضها في السنوات اللاحقة، لكنّ المقالات تتجاوز هذه المقارنة، إذ تركّز على البعد الاجتماعي للتنظيم، وعلى تأثير وسائل الإعلام والاتّصال ودورها في خلق مجتمع يفضّل الوهم على الواقع من خلال نظرته التحليلية الثاقبة التي وصفت بدقّة أحوال البشرية. في هذا السياق، يكتنز الكتاب فهماً عميقاً لفنّ التلاعب الذي طوّره ديكتاتوريّو المستقبل بدمجهم هذه التّقنيات مع وسائل الإلهاء التي تبدو راهنة أكثر من أيّ وقت مضى. وبهذا، يتجاوز المؤلّف الاتهامات التي حاول البعض توجيهها إليه، باختصارهم الغاية من وراء نشره بسعي هاكسلي إلى دحض تكهّنات جورج أورويل في روايته «1984»، إذ أن المقالات الثاقبة، ترصد ملامح مجتمع لا يعيش أبناؤه في الواقع الراهن، بل يغرقون في عوالمَ أُخرى بعيدة عن الحقيقة كلّ البعد، أي في العروض الرياضية والمسلسلات التلفزيونية والشاشات والعوالم الأسطورية.