يمكن اعتبار «مخدومين» (2016 ـــ 67 د ــ A Maid for Each ــ «جائزة السلام» في «برليناله 2016»، وأفضل فيلم غير روائي في «مهرجان دبي السينمائي الدولي» 2016)، من أهم الأفلام التي تناولت موضوع العبودية الاجتماعية في لبنان. في سابع أفلامه، يغوص المخرج اللبناني ماهر أبي سمرا (1965) في عالم بشع لم يسبق التطرّق إليه بهذه الطريقة على الشاشة الكبيرة، فاتحاً ملف العاملات الأجنبيات في لبنان. ففي مكتب «زين» المتخصص في استقدامهنّ، سيكتشف المشاهد نظام رق جديداً، وكيف استحال البشر سلعةً في هذا النظام الرأسمالي المتوحّش. يلج صاحب «شيوعيين كنا» العالم الشائك من خلال الباب الخلفي، في بلد لا يتجاوز مجموع سكّانه 5 ملايين نسمة ووصل يومها عدد العاملات الأجنبيات فيه إلى 200 ألف!
كولاج لـ لينا مرهج (تفصيل)

قبل أيام، أُطلق موقع www.makhdoum.in (بحث: جنان داغر، ماهر أبي سمرا ــ كتابة: سمر دلكي ــ كولاج: لينا مرهج) التوثيقي لسوق العمالة المنزلية في لبنان. تترافق هذه الخطوة مع عرض لـ «مخدومين» الذي سيبقى متوافراً عبره لغاية 16 حزيران (يونيو) الحالي. تقارب مادة الموقع العلاقات العاديّة واليومية في هذه السوق المتشعبة: طبيعتها الاجتماعية والأخلاقية، آثارها الإنسانية ومأسسة التمييز الجندري. وهناك أيضاً حضور العاملة المنزلية الطاغي في تفاصيل حياتنا البيتية والأسرية، وتغييبها وإخفاؤها في الوقت عينه. وهذا ما يكشف عن «فصامنا في علاقة الهيمنة المركبة التي نتّبعها مع العاملات المنزليات المهاجرات، في مجتمعاتنا. ولا يقتصر ذلك على التمييز الطبقي، بل يتجاوزه إلى علاقة فوقية عنصرية، نتماثل فيها مع علاقة «الرجل الأبيض» بـ «الأسود» في مجتمعاتنا».
يؤكّد القائمون على المشروع أنّه امتداد للشريط، وانطلقت فكرته من «الأعمال البحثية الواسعة التي سبقت إنجاز الفيلم على أيدي باحثين وفنيين.. ولم نشأ أن تبقى طي الكتمان». هكذا، وبعد الانتهاء من فيلم «مخدومين»، اتخذ القرار بـ«إعادة تحرير هذه الأبحاث والمواد المرئية وإحيائها وتطويرها بمساعدة كتّاب قاموا بصوغها وإخراجها بأسلوب السرد والحكاية».
يحرص الموقع على تجديد مادة الفيلم والإضافة إليها وتوسيعها مع العمل على تطوير أبحاث ونصوص ومشاهد أخرى حول الموضوع ومن زوايا متعددة. كما أنّه يتضمّن أربعة أبواب، هي: «المكتب» (كيف نما سوق العمالة إلى ما هو عليه اليوم؟ وكيف توسعت الانتماءات الطبقية للذين يوظفون العاملات المنزليات؟)، «الغرفة» (حيث يكمن تاريخٌ تطوَّر على مدار القرن الماضي)، «العائلة» (عواقب مشاركة امرأة أخرى في أعمال الرعاية المنزلية) و«الأبيض والأسود» (يحاول الإجابة عن أسئلة على شاكلة: كيف أصبح يمكن إخفاء مجتمعات بأكملها في وقت يتم فيه التمييز ضدّها عبر القوالب النمطية العنصرية والممارسات التعسفية؟ وحتى لو تم إصلاح نظام الكفالة ومنح العاملات المنزليات حقوقهن، كيف يمكننا إصلاح هذا المفهوم الأوسع للتفوّق اللبناني؟).
يؤكّد فريق العمل أنّ الموقع بحاجة إلى إضافات دائمة. لذا، فهو مفتوح للمهتمين ولمساهمات جديدة حول الموضوع، على شكل نصوص وأعمال بصرية فنية. بحسب النصّ المنشور على صفحة الموقع الأولى، يشدّد ماهر أبي سمرا على وجود «حاجة ماسّة حالياً إلى روايات وأبحاث جديدة لتتبّع التحوّلات في سوق العمل المحلية»، موضحاً أنّ للحجر الصحي الذي فرضته جائحة كورونا المتزامن مع الانهيار المالي والاقتصادي، آثاراً عميقة على معظم «الخدم» والمخدومين.
www.makhdoum.in