على أعتاب 17 تشرين الأول (أكتوبر) 2019، توقّفت أعمال «بيروت آرت فير»، في نسخته العاشرة، لتدخل البلاد في أزمات اقتصادية وصحية متتالية. عوامل أسهمت في تأخير إطلاق النسخة الـ 11 من التظاهرة الفنية، لتجد القائمة على الحدث، لور دوتفيل، في باريس بديلاً من العاصمة اللبنانية. هكذا، كانت انطلاقة معرض Menart، أول من أمس، بمشاركة 70 فناناً، إلى جانب 22 غاليري، من بينها «مارك هاشم» و«صالح بركات» و«تانيت» و«وشريف تابت» من لبنان. [اشترك في قناة ‫«الأخبار» على يوتيوب]
غير أنّ المعرض الذي يستمر لغاية يوم غدٍ الأحد، أثار جدلاً واسعاً، سيّما أنّ بطاقته التعريفية تذكر صراحةً الكيان الصهيوني ضمن البلدان المشاركة (مصر، تونس، سوريا، المغرب، فلسطين، الأردن، العراق، السعودية، قطر، الإمارات وإيران)، وتصنّفه ضمن «البلدان الشرق أوسطية». يأتي ذلك بعد أيام على المجزرة الإسرائيلية في قطاع غزّة، واستمرار محاولات تهجير الفلسطينيين من أحيائهم في القدس المحتلة.
الحضور اللبناني (يشمل أسماء كنبيل نحاس، سيمون فتال، حسين ماضي وأيمن بعلبكي وغيرهم)، يفرض تساؤلات ملحّة حول حدث يدرج الإسرائيليين جهاراً بين المشاركين فيه (ريبيكا بلاتنيك وريبيكا برودسكيس...). فهل جرى ذلك من دون علم الفنانين والغاليريات أم أنّ هؤلاء كانوا على دراية بالأمر وقرّروا غضّ الطرف، في وقت تعدّ فيه المقاطعة الثقافية والفنية سلاحاً أساسياً في الحرب مع العدو لعزله ووقف أنسنته وتلميع جرائمه؟
حاولت «الأخبار» الحصول على إجابة من الغاليريات الأربع من دون جدوى. غير أنّ أحد التشكيليين اللبنانيين المشاركين في Menart، أكد في اتصال معنا جهله التام بالمشاركة الإسرائيلية، موضحاً أنّ اختيار الأعمال التي سيحضر من خلالها تم بسرعة بعدما تقرّر نقل الحدث إلى باريس. وفي ختام المكالمة المقتضبة، شدّد الفنان على ضرورة اليقظة لدى المشاركة في الأحداث الفنية، خصوصاً تلك المرتبطة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لأنّ «اللغم الإسرائيلي» سيكون موجوداً لا محالة: «يحرصون على إقحام العدو في كلّ شيء، وباتت المسألة أخطر من الماضي». من جهتها، أصدرت «حملة مقاطعة داعمي «إسرائيل» في لبنان» بياناً دعت فيه «جميعَ الغاليريهات، والفنّانين والفنّانات اللبنانيين والعرب والإيرانيّين، وأنصارَ فلسطين والعدالة في العالم، إلى الضغط على إدارة المعرض لسحب «إسرائيل» منه. فهذا الكيان المجرم ليس، ولن يكون «طبيعياً» ولا جزءاً من نسيج هذه المنطقة. و«فنُّه» لا يمكن، ولا يجوز، أن يبيّضَ صفحتَه الإجراميّة والتهجيريّة والعنصريّة». وتساءل البيان: «هل كان الفرنسيّون يقبلون مشاركةَ جنوب أفريقيا في معارضَ فنّيةٍ زمنَ نظام الأبارتايد (الفصل العنصري) في القرن الماضي؟ وهل «إسرائيل» اليوم أقلُّ عنصريّةً من ذلك النظام، أمْ أنّها تزيد عليه في صفات التهجير والإحلال والقتل والمذابح، ودمُ أطفال غزة ومدنيّيها لم يجفَّ بعد؟». وختم: «إذا لم توافقْ إدارةُ المعرض على سحب «إسرائيل»، فإنّنا ندعو كلَّ الفنّانين والغاليريهات المشاركة إلى الانسحاب الفوريّ منه (...) فالفنّ لا يمكن، ولا يُفترض، أن يَغسلَ الدم!».