مِن شِدّةِ ما يَستهويني الرّبيعُ صِرتُ، إذا عَنَّت على بالي رائحتُها،
أخرجُ لِقطافِ أزهارِ «السيكلامان» الفاتِكة،
في صقيعِ كانون الثاني.
وإذا اشتهيتُ قَطفَةَ بنفسج في خريفِ أيّامِه
يكفيني أنْ أتطلّعَ إلى أغصانِ شجرةِ الرمّان
فَتَزْرَقَّ براعمُها الشاحبة
وتَعبقَ في الهواءِ رائحةُ «بنفسج».
.
ومِن كثرةِ ما أدمنتُ على الخوفِ
صرتُ إذا سمعتُ كلمةَ «موت»
أُؤَبِّنُ نفسي وأموت، حتى قبلَ أن أَشُمَّ رائحةَ موتي أو أسمعَ دَعستَه.
.
ومِن شِدّةِ ما صرتُ أحبُّ مَن يستحِقّون محبّتي
صرتُ، حينَ أتَذَكَّرُ مَن أُحِب،
إنْ أَبصرتُ عقرباً أو ثعباناً
أُلَـحمِسُ على حراشفِهِ وأنيابِه برؤوسِ أصابعي، وأهمسُ:
ما أَحَنَّ ريشَكَ، وما أعذبَ رحيقَ مَحَـبّـتِك!
.. ..
وأمّا حين ألتقي به (ذاكَ الذي كان صاحبي، وتَعرفونه)
فأكتفي، كالملسوعِ في تُوَيـجَةِ قلبه،
بِضَمِّ يدَيَّ على وعاءِ قلبي... وأعوي صارخاً:
يَدَكَ!... يَدَكَ عن قلبي!.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا