كانَ ما كان وانتهى الأمر. وحان الوقتُ الآن لحسابِ الغلّةِ، وتقديرِ عوائدِ الدموعِ والدم.
إنْ كنت قادراً على إبصارِ ما أنتَ فيهِ فأَبصِر:
ها أنتَ، في أضوأِ فُسحةٍ مِن إيوانِ عزائِك، مُـمَدَّدٌ بكاملِ لياقتكَ وصَمتِكَ على مائدةِ مُحِـبّيك. والأجراسُ، أجراسُ الكهنةِ والقدّيسين، بدأت بالقرعِ إيذاناً بانطلاقِ كرنفالِ الأنينِ ولقمةِ الرحمة.
وإليكَ ما سيحدث!... إليكَ ما حدث:
الكلُّ سينهشُ (الكلّ ينهشُ) مِن لحمك: لحمِ فخذيكَ وساعدَيكَ وخاصرتَيكَ وكبدِكَ ودماغِكَ وتُفّاحتَي حنجرتِكَ وقلبِك.
حتى العظامُ (إلاّ ما قسا منها) ستُطحَنُ وتُمضَغُ... وتُهضَم.
وعمّا قريب، بُعيدَ هنيهاتٍ يسيرةٍ من انطلاقِ الوليمة، لن يبقى منكَ (كصَدَقةٍ مُستَحَقّةٍ للكلابِ الـمُرابطةِ على العتبة) إلاّ فقراتُ عمودِكَ العسيرةُ على الهضم، وشِراعا فَكَّيكَ الجائعَين، وطاسةُ جمجمتِك، ومحجرا عينيكَ الخاويان، وحُثالاتُ أمعائكَ النتِـنة.. مَلقوحةً في قاعِ «المنسَف».
.. ..
أستَحلِفُك:
إنْ كنتَ لا تزالُ قادراً على الفُرجةِ، قمْ وتَفَرَّجْ!
لكن، لا تُغالِ في التأسّي وتأنيبِ القلب!
هيَ ، أوّلاً وأخيراً ، لُقمةُ رحمة:
أنتَ أَدّيتَ ما عليكَ ومتّ...
والـمُعَـزّونَ أَدّوا ما عليهم... وأقاموا عرساً.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا