أعلن عدد كبير من المثقفين والكتاب والفنانين العرب مقاطعتهم للفعاليات الثقافية في الإمارات، من خلال بيانات ترفض اتفاقية التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي. أمس، نشر المثقفون العراقيون بياناً يدين «اتفاقية الخيانة»، ويدعو إلى «إنشاء محورٍ ثقافيّ يستمدّ قوته من عدالة قضايانا» عبر «السعي بكل أدوات إبداعنا لرفض مختلف أشكال التطبيع والتبعية، باعتبارها خيانة عظمى». وقد انتهى البيان بالتأكيد على «أننا لن نصالح مغتصباً أو نمدّ أيدينا لمحتل»، ووقّع عليه الشاعر عبد الكريم كاصد، الكاتب جمال حيدر، الشاعر محمد الأمين الكرخي، الفنان المسرحي صالح حسن فارس، الشاعران صالح رحيم وعلي نوير، الباحث أمير عبد العزيز وآخرون. من جهته، أصدر «بيت الشعر في المغرب» بياناً، أوّل من أمس، يدين فيه هذا التطبيع، ويؤكّد على عدالة «أنبل قضايا العصر»، أي القضية الفلسطينية. وفي هذا السياق، أعلن «تضامنه اللامشروط مع شاعرات وشعراء فلسطين»، مُستحضراً الدور الكبير الذي «نهضَت به الشعريّة الفلسطينيّة في توطين القضيّة في الوجدان العربيّ والإنساني وفي التصدّي لكلّ خُنوع واستسلامٍ وتطبيع». كما دعا البيان كلّ الشعراء والكتاب والمثقفين المغاربة والعرب إلى المزيد من التضامن والالتحام مع القضية الفلسطينيّة. من تونس أيضاً، أصدر «اتحاد الكتاب التونسيين» بياناً استنكر فيه التطبيع الإماراتي مع الكيان الصهيوني، معتبراً إيّاه طعنة في «ظهور العرب المتمسكين بمبدأ الحرية لفلسطين باعتبارها قضية العرب المركزية وعنوان الكرامة والحَمِيّةِ والحق». كما حثّ البيان «اتحادات الكتّاب الشقيقة والاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب على إدانة هذه الخطوة التطبيعية الخطيرة، واتخاذ ما ينبغي من الإجراءات لدعم ثقافة المقاومة ورفض كل أشكال التطبيع».
(محمد سباعنة ــ فلسطين)

من جهتهم، سارع المثقفون العمانيون إلى استنكار هذه الاتفاقية من خلال إطلاق بيان يعبّر عن الرفض القاطع لكل «أشكال التطبيع التي تمارسها الأنظمة العربية الحاكمة». ورفض النصّ الترحيب الذي لاقاه الاتفاق من قبل الأنظمة العربية وتحديداً بيان وزارة الخارجية العمانية المؤيّد لهذا الاتفاق، والذي أكد أنّه «لا يمثلنا، ولن يكون. إنّ أبناء عُمان من كتاب وأدباء ومثقفين وصحافيين ومهنيين، من أجيال مختلفة وأطياف متنوعة يرفضون رفضاً قاطعاً فصلهم عن قضيتهم المركزية؛ القضية الفلسطينية». ومن أبرز الموقعين الكاتب والسينمائي عبد الله حبيب، والشعراء زاهر الغافري وصالح العامري وإبراهيم سعيد والباحثون سعيد سلطان الهاشمي ومحمد العجمي وسيف عدي المسكري وعلوي المشهور ووضحاء الكيومي.... ومن فلسطين أصدر «الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين» بياناً جاء فيه أن هذا الاتفاق هو طعنة في خاصرة الأمة العربية، داعياً الكتاب والأدباء العرب إلى فضح التطبيع، وإلى اتخاذ المواقف الواجبة للدفاع عن فلسطين وقضيتها. كذلك، أطلق «بيت الشعر الجزائري» بياناً ينتقد ممارسات الأنظمة العربية، خصوصاً في هذا التوقيت الدقيق، واصفاً ما قامت به الإمارات بـ «ضرب القضية المركزية التي بُني عليها الوجود الحضاريّ والتاريخيّ للأمة العربية في صميم طموحاتها في الوجود والحرية والديمقراطية منذ عصر النهضة، ألا وهي القضية الفلسطينية»، فيما لفت البيان إلى خطورة التطبيع الثقافي، مضيفاً أنّه «نرى نحن الشعراء الجزائريين المنضوين في بيت الشعر الجزائري، أخطر بكثير من التطبيع السياسي لهذه الأنظمة، هو التخلي التدريجي للنخب الثقافية والعربية عن القضية الفلسطينية وتحييدها المستمر عن واقع الممارسة الفكرية والإبداعية وإلغائها من واقع الكتابة الإبداعية والفنية». يضاف إلى بيانات اتحادات الكتاب العرب بيان أصدرته «رابطة الكتّاب الأردنيين»، وصفت فيه الاتفاقية بين الإمارات والعدو الصهيوني بأنّها «اعتراف جديد بالارتباط بين قوى البترول العربي والصهيونية والإمبريالية لنهب ثروات الأمة وتكريس الهيمنة الاستعمارية الصهيونية على وطننا العربي عامة وفلسطين خاصة»، وأكّدت الرفض الكامل لهذه الاتفاقيّة.
وفي موازاة هذه البيانات، قام بعض الكتاب والفنانين العرب بخطوات فرديّة للتصدّي لهذا التطبيع من خلال الانسحاب من الجوائز ومن المؤسسات الثقافية الإماراتية. الروائية الأردنية كفى الزعبي التي كانت قد رفضت في السابق ترشيح روايتها «مدينة أبي» لنيل «جائزة بوكر الأدبية» بسبب ارتباط هذه الجائزة بسياسة الكتاب ومواقفهم، أكّدت مجدّداً امتناعها عن المشاركة في هذه الجائزة أو أي جائزة خليجية أخرى بسبب إعلان التطبيع بين الإمارات ودولة الاحتلال، كما كتبت على صفحتها على فايسبوك. كذلك، أعلن الكاتب الفلسطيني أحمد أبو سليم سحب روايته «بروميثانا» من الترشّح لمسابقة «جائزة بوكر». ضمن السياق نفسه، أعلن الكاتب المغربي عبد الرحيم جيران استقالته من هيئة تحرير مجلة «الموروث الثقافي» الصادرة عن معهد الشارقة، فيما أعلن المترجمان المغربيان أحمد الويزي وأبو يوسف طه انسحابهما من الترشح لـ «جائزة الشيخ زايد»، كما اتخذ آخرون خطوات بالتوقّف عن العمل لصالح مؤسسات ثقافية خليجية مثل دار «الكلمة»، خصوصاً أنه لم يصدر حتى الآن أي استنكار من قِبل هذه المؤسسات الثقافية لما جرى.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا