لم يعد فندق «البريستول» البيروتي قادراً على الصمود. هكذا، أعلن أخيراً هزيمته أمام الضربات الاقتصادية المتلاحقة التي جاهد كثيراً لتخطّيها، فأسدل الستار على سبعين عاماً كان خلالها شاهداً على حقبات مختلفة من تاريخ لبنان الحديث. خطوة تأتي على وقع انهيار اقتصادي حاد فاقمته إجراءات التصدّي لفيروس كورونا في البلاد. الفندق العريق ذو الخمس نجوم، صمّمه من الداخل المصمّم الفرنسي المعروف جان رويير (1902 ــ 1981)، قبل أن يبصر النور في عام 1951. استضاف شخصيات سياسية بارزة ونجوماً من جميع أنحاء العالم في سنوات الازدهار التي عرفها لبنان قبل الحرب الأهلية التي فتكت بالبلاد بين عامَي 1975 و1990، نذكر منهم شاه إيران محمد رضا بهلوي وموسيقي الجاز ديزي غيليسبي.حتى خلال هذه الفترة الصعبة، بقيت أبواب الأوتيل «الأسطورة» مشرّعة، خصوصاً أمام الصحافيين الأجانب، وكذلك الأمر بعدها خلال سنوات الألفين التي شهدت اغتيالات وأزمات متتالية وعدواناً إسرائيلياً. طوال هذه السنوات، أقفل الفندق أبوابه فقط في الفترة الممتدة بين عامي 2013 و2015 خلال أعمال إعادة تأهيل كلفت ملايين الدولارات.
الفندق الذي اشتهر بمطعمه الفاخر وصحنه اليومي ومحل الحلوى والشوكولا الذي كان يقصده كثيرون، احتضن في عامي 2004 و2005 اجتماعات دورية لأركان المعارضة آنذاك الذين أطلقوا على تجمعهم اسم «لقاء البريستول».
تعليقاً على هذا الخبر الأليم الذي صدم كثيرين عبّروا عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن حزنهم لطيّ صفحة في تاريخ البلاد، قال مدير الفندق اللبناني، الفرنسي جوزف كوبات، في حديث إلى وكالة «فرانس برس» إنّه «منذ شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي ومع كورونا حالياً، وعلى وقع المشاكل المالية التي نشهدها في البلد، انخفض معدّل الإشغال إلى مستوى متدنٍّ جداً». وأضاف أنه بعد تريّث لستة أشهر، «قررت الشركة المالكة إغلاق الفندق في انتظار أيام أفضل، وفي الوقت الراهن هذا الإغلاق دائم، بعدما بات الوضع الاقتصادي لا يُحتمل»، مناشداً المسؤولين «التفكير في خطة إنقاذ».
من ناحيتها، أوضحت المديرة المساعدة التنفيذية في الفندق، باسكال سلوان، للوكالة نفسها أنّ مستحقات الموظفين ستُدفع خلال الأسبوع الحالي.