ماكوي تاينر يلتحق برفاقه في جنّة الكبار

  • 0
  • ض
  • ض
ماكوي تاينر يلتحق برفاقه في جنّة الكبار

رحل ماكوي تاينر (1938 ــ 2020/ الصورة) قبل أيام. برحيله تُطوى صفحة ذهبية من كتاب عصر الأساطير في الجاز. معظم رفاقه سبقوه، ولم يبقَ إلاّ قلّة قليلة، مثل عازفَي الساكسوفون واين شورتر (1934) وسوني رولنز (1930) وعازف الكونترباص رون كارتر (1937). إنّه أحد أكبر رموز البيانو في عالم الجاز وتياراته منذ مطلع الستينيات. التجربة الأكبر خاضها مع جون كولتريان الذي شارك في عدد كبير من ألبوماته، وتحديداً خلال النصف الأوّل من الستينيات، إذ تلا ذلك اختلاف في وجهات النظر، فرأى عازف البيانو نفسه غير معنيّ براديكالية كولتريان باتجاه الجاز الحر. أبرز ثمار هذا التعاون ألبومات Ballads وA Love Supreme وOlé Coltrane وغيرها. بالإضافة إلى مشاركته في ألبوم كولتراين «الجديد»، أي الألبوم الذي سجّله الأخير مع فرقته عام 1963 وضاع لأكثر من نصف قرن بسبب خطأ بشري، إذ تمّ تلف البكرات عن طريق الخطأ، لكن وُجِدَت نسخة منه كان كولتريان قد أعطاها لزوجته الأولى، وصدر عام 2018 بعنوان Both Directions at Once: The Lost Album (وصف سوني رولنز الحدث كأنه اكتشاف غرفة جديدة في الهرم الأكبر). في هذا التسجيل كما في عشرات أخرى، بصمة ماكوي تاينر فريدة. يمكن التعرّف إلى أسلوبه الخاص في ملامسة مفاتيح البيانو: الدقة والطراوة والانسيابية. بعكس ثيلونيوس مونك، تعامل تاينر مع البيانو بـ”نعومة“ نسبية. حتى عند عزف الجمل المفذلكة والمعقّدة تقنياً، أي تلك التي تفرض، لاإرادياً، بعض القساوة. هذا تقنياً، أما لناحية الإحساس، فمزج تاينر بين التعبير المينيمالي حيناً وفيض النغمات حيناً آخر. وكان يستقصد خلق نوع من التباين بين نمط المعزوفة وما تتطلّبه ”منطقياً“ من أسلوب عزف، كما نسمع في انفجاراته غير المتوقّعة في المقطوعات الهادئة (ألبوم Ballads مع كولتريان مثلاً). ببساطة، ماكوي تاينر هو أحد أصحاب البصمات الفريدة والخاصة في تاريخ الجاز. بالإضافة إلى ألبوماته الكثيرة (The Real McCoy، وSong for My Lady، وToday and Tomorrow…) التي قدّم فيها رؤيته لكلاسيكيات الريبرتوار، وكذلك مؤلفاته التي أصبحت لاحقاً بدورها كلاسيكيات، شارك تاينر في عشرات تسجيلات زملاء المهنة، أبرز هؤلاء، بعد كولتريان طبعاً، فريدي هابرد، هانك موبلي، ستانلي تارنتاين، واين شورتر، وغيرهم. هذا الإنتاج الضخم بين ستينيات القرن الماضي ومطلع الألفية، تلاه نشاط خفيف في العقد الأخير، بالأخص لناحية إصدار الألبومات، مع العلم أن الراحل كان قد زار لبنان ضمن «مهرجانات بيت الدين» خلال صيف 1998.

0 تعليق

التعليقات