ما أعرفهُ ليس كثيراً، ولا شديدَ الأهمية. أعرفُ أنّ الحياةَ عزيزةٌ على مَن تَورّطَ بالوقوعِ فيها.
أعرفُ أنّ الألم «يؤلمُ» والشقاءَ «يُشقي»، وأحزانَ الناسِ تُضني قلوبَ الناس.
أعرفُ وأتَفَـهّمُ توقَ الإنسانِ إلى الجمالِ والحبّ وأنينِ الموسيقى (ليس لأنها تُداوي جراحاً، بل لأنها تَنكَأُها).
أعرفُ أنّ التعاسةَ، والخوفَ، والفاقةَ، وفقْدَ مَن نُحبّ.. عارٌ وجريمةْ.
أعرفُ حاجةَ البريءِ لِأنْ يكونَ بريئاً، والمغلوبِ لِأنْ تُصَـدَّقَ دمعتُه، والمشتاقِ إلى مَن خذلوهُ لأنْ يُقالَ لهُ: «لَبّيكَ و لبّيكْ!»، والواقعِ في الجبِّ لأنْ يصرخَ: «أغيثوني!»، والتائهِ في هجيرِ الصحارى لأنْ يَتوسّلَ إلى كلّ قُصاصةِ غيمٍ تَعبرُ في سماواتِ أحلامهِ: «تَـحَـنَّني عليَّ، وأَمطِري في أحشائي!».
أعرفُ، بدون أنْ ألتجئ إلى رُواةِ الأناجيل، أنّ الحقّ مغلوبٌ، والعدالةَ تَهيمُ يتيمةً ومخذولةً في الشوارع.
أبداً! ما أعرفهُ ليس كثيراً ولا بالِغ الأهميّة.
ما هو كثيرٌ وهامّ:
خوفُنا (أو لعلّه حياؤنا) مِن أن نُـتَّهمَ بالعقوقِ والمغالاةِ في اليأس حين تضيقُ بنا الضائقاتُ ونَعوي:
هذه الديارُ التي سقطتْ أرواحنا فيها ليست ديارنا.
هذه الديارُ العليلةُ، المقفلةُ على ظلامها وكوابيسها... ليست أكثرَ من مقبرة.
: هذه التي... أحببناها.