غال غادوت خدمتْ كمجنَّدة في الجيش الإسرائيلي خلال العدوان على لبنان عام 2006
مع ذلك، يهمّنا أن نشير إلى التباسِ بعض مواقفكم السابقة من هذا الصراع، مؤكّدين خلافَنا الجذريَّ معها. ومنها: دعوتُكم إلى عرض الأفلام الإسرائيليّة في مصر بهدف الوصول إلى الجمهور الإسرائيلي و«اختراق مجتمعه»، وأيضاً قبولكم المشروط أن يشارك إسرائيليٌّ في عمل فنيّ إلى جانب فنّان عربي. فنحن نرى أن موقفكم هذا مكافأةٌ مجّانيّة لقاتل أطفالنا، وقد يؤدّي إلى «اختراق مجتمعنا» نحن لجهة «تسهيل» إشراكه في إنتاجنا الثقافيّ والفنيّ وإدخاله إلى قلب صالاتنا وحياتنا اليومية، وإنْ كنّا نعيد تأكيدَ موقفنا السابق المذكور في وثيقتنا التأسيسيّة:
انطلاقاً من مبدأ «اعرفْ عدوَّك»، فإنّ حملة المقاطعة لا ترى مانعاً في أن يشاهد الأفرادُ، أو أن تَعرضَ الأنديةُ المحلّيةُ الخاصّة، أفلاماً إسرائيليّةً، أو داعمةً للعدوّ، أو مروَّجةً لـ«ديمقراطيته» (الزائفة)، ولكنْ ضمن المحاذير الآتية:
1) أن تكون الأفلامُ المشاهَدة فرديّاً نُسخاً مقرصنةً (بحيث لا يستفيد العدوُّ أو داعموه منها مادّياً أو ترويجياً).
2) أن تأتي عروضُ الأندية الخاصّة ضمن إطارٍ موجِّهٍ ومنبِّهٍ وكاشفٍ، وفي سياق نقاشها بطريقةٍ نقديّةٍ تُسهم في فضح الاحتلال وأضاليله ونشرِ فكرِ المقاومة.
ثم جاء إعلانُكم عن ظهوركم المرتقب في الفيلم مع غال غادوت، وهو أمرٌ فاجأ الكثيرين من أهل الفن والصحافة ومن جمهوركم ومتابعيكم.
يقيناً تعلمون أنّ بطلة هذا الفيلم هي الممثّلة وملكة جمال «إسرائيل» لعام 2004 غال غادوت. وإليكم جردة ببعض نشاطات هذه الممثّلة التي وصفتها صحيفة The Independent البريطانية بأنّها داعمة للجيش الإسرائيلي:
- خدمتْ كمجنَّدة في الجيش الإسرائيليّ، وكانت في الخدمة خلال العدوان الإسرائيليّ على لبنان في حرب تموز (يوليو) 2006.
- عبّرتْ عن دعمها للعدوان الإسرائيليّ على غزّة سنة 2014 بإرسالها «الحبَّ» و«الصلوات» إلى مواطنيها الإسرائيليين، وبخاصةٍ أولئك الذين «يخاطرون بحياتهم للدفاع عن بلدي ضدّ الأفعال المروِّعة التي تمارسها حركةُ حماس التي تختبئ خلف النساء والأطفال» بحسب زعمها.
- شاركتْ في عام 2009 في جلسة تصوير لمجلة Maxim ضمن مجموعة «نساء من قوات الدفاع الإسرائيلية».
يظهر ممّا تقدّم أنّ الممثلة Gal Gadot مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالجيش الإسرائيلي، الذي هيّأها خلال فترة التجنيد لتؤدّي أدوارَها التمثيليّة في هوليوود، بحسب قولها. ولهذا فإنها أدّت ولا تزال دوراً علنياً في الدفاع عن الجيش الإسرائيليّ وتجميل صورته، وليست - شأن بعض المشاهير الإسرائيليين - مجرّد «ممثّلة» تؤدّي دوراً «بريئاً» في أفلام سينمائيّة. ونودّ أن نذكّر، هنا، بتصريح لأحد المسؤولين الإسرائيليين يقول فيه حرفيّاً ما يبيّن علاقة المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة بالمجال الفني والثقافي الإسرائيلي:
«سنبعث إلى الخارج روائيين وكتّاباً مشهورين، وشركاتٍ مسرحيّةً، ومعارضَ [فنيّةً]. فبهذه الطريقة سنُظهر وجهَ إسرائيل الأجملَ، كي لا يفكَّر بنا في سياق الحرب فقط».
ولهذه الأسباب مُنع عرضُ أفلام Gal Gadot في لبنان. كما صدرتْ مذكّرةٌ عن الأمانة العامّة للجامعة العربيّة بتاريخ 12/4/2016 بمنع عرض الأعمال الفنيّة التي تشارك فيها هذه الممثِّلة، وقد استجابت بعضُ الدول العربية لهذه المذكّرة (تونس، الجزائر، قطر، فلسطين، الكويت،...). ولعلمكم، فإنّ الفيلم القادم الذي أعلنتم أنّكم ستمثّلون فيه إلى جانب Gadot سيُمنع أيضاً من العرض في لبنان وبلدان عربيّة أخرى.
الأستاذ عمرو واكد،
قبل أيّام غرّدتم على تويتر: «علّمني الفن أن أكون إنساناً قبل أيّ شيء. [علّمني] أن أعمل على نصرة قيم الإنسانيّة والحق والأخلاق». وانطلاقاً من هنا، فإننا ندعوكم إلى أن تنصروا هذه القيمَ فعليّاً، فتنحازوا إلى الحق الفلسطينيّ والعربيّ والإنسانيّ، فترفضوا التمثيلَ مع فنّانة إسرائيليّة، خصوصاً أنّها أثبتتْ واقعاً وسلوكاً أنها وقفتْ ولا تزال مع الجيش الإسرائيلي ضدّ أهلنا في فلسطين ولبنان ومصر وكلّ المكتوين بنار الإجرام الصهيوني، وأنّها تنحاز ـــ خلافاً لكلّ «قيم الإنسانيّة والحقّ والأخلاق» ــــ إلى الجلّاد لا إلى الضحيّة.
ندعوكم إلى العدول عن قراركم المشاركةَ في التمثيل مع الجنديّة الإسرائيليّة انسجاماً مع القيم التي تنادون بها، وانسجاماً مع قرارات الجامعة العربيّة وحملات مقاطعة «إسرائيل» في غير بلد عربيّ».