في نهاية الشهر الحالي، يسدل الستار على معرض «من ذاكرة للذاكرة» الذي يحتضنه «دار المصوّر» بعدما كان قد دشّن في 18 نيسان (ابريل) في «دار النمر». المعرض الفوتوغرافي، الذي نظمته جمعية «مهرجان الصورة ـــ ذاكرة»، بدعم من «دار المصوّر» في الذكرى الـ44 للحرب الأهلية اللبنانية، أراد تكريم مصوّري الحرب الأهلية (1975 ـــ 1990)، وإبراز دور الصورة الفوتوغرافية كشاهد على أهوال هذه الحرب، وناقلة ليومياتها، وأيضاً كوثيقة تُحفظ للأجيال التي لم تعايش تلك الفترة المظلمة من تاريخ لبنان. إنّها وثيقة تذكّرنا أيضاً بقذارة الحرب وقساوتها. على غلاف المعرض، اختار المنظّمون صورة جوزيف براك، التي تندرج ضمن الفسحات المضيئة في زمن المتاريس والحروب.
صورة التقطها جورج سمرجيان عام 1976

هي صورة أيقونية، للثنائي أنجيلا وهاغوب أبو سفيان، التقطها برّاك عام 1989، عن طريق المصادفة، بينما كان يزور أحد أقاربه. هكذا، طلب من العروسين اللذين كانا يستعدان لدخول منزلهما حينها، أن يقفا بين المتاريس وأكياس الرمل، ليوثق لحظة أمل قبل تجدّد القصف. صورة تناقلتها الوكالات العالمية، وها هي تحطّ على واجهة معرض «من ذاكرة للذاكرة» مع باقي زميلاتها (30 صورة لثلاثين مصوراً). لا شك في أنّ المعرض لاقى رواجاً عالياً، ما دفع المنظّمين إلى تمديد أيامه، ليتسنى لزواره الأجانب واللبنانيين الاطلاع على تلك الحقبة، والتعرّف إلى أبطال الصورة الفوتوغرافية، الأحياء والمتوفين وحتى الشهداء منهم. على سبيل المثال، يكرّم المعرض المصوّر جورج سمرجيان، الذي استشهد عام 1990، إبان تغطيته «حرب الإلغاء» في منطقة انطلياس من خلال صورة التقطها الراحل عام 1976، تظهر كيف طردت ميليشيات اليمين المسيحي بعض سكان «حي النبعة» (ضاحية بيروت الشرقية).
صورة التقطها جوزيف براك عام 1989

كما يكرّم المعرض المصوّر خليل دهيني، الذي استشهد عام 1989، عندما أصيب بطلق ناري على محور الشياح ـــ عين الرمانة. الصورة المكرّمة، ربما تكون من أشهر صور الحرب، حيث امرأة تبكي من هول الصدمة عام 1986، بعد انفجار سيارة مفخخة في «بيروت الغربية». 30 صورة فوتوغرافية لثلاثين مصوّراً شاركوا في المعرض، لتوكيد رفض الحرب والعنف الأهلي، عبر مساحات بصرية، باللونين الأبيض والأسود، أرّخت لمعاناة اللبنانيين إبان الحرب، ولغة المعابر، وانتظار هدوء الجبهات لاجتيازها، وتأمين قوتهم، الى جانب توثيق الفظائع التي حلت بهم. في الصور، أيضاً، مساحات من الأمل، سرقتها عدسات المصورين، لتخرق المشهدية المظلمة لبيروت وضواحيها. على سبيل المثال، الصورة التي التقطها علي محمد، بين منطقتي الشياح وعين الرمانة، تعود لعائلة ارتأى صغارها الخروج الى شرفة المنزل بعدما أرغمتهم الحرب لوقت طويل على التزام غرف المنزل الداخلية. في الصورة فرح بادٍ على وجوه الأولاد، وهم يقفون على الشرفة، التي تعبق برائحة البارود، لا برائحة هواء نظيف.

«من ذاكرة للذاكرة»: حتى نهاية أيار (مايو) ـــ «دار المصوّر» (الوردية ـ الحمرا) ـ للاستعلام: 01/373347