جائزة «الأركانة» لوديع سعادة: فاتورة باهظة للشعر والحياة

  • 0
  • ض
  • ض
جائزة «الأركانة» لوديع سعادة:  فاتورة باهظة للشعر والحياة

تتويجه أخيراً بـ «جائزة الأركانة الشعرية» في دورتها الـ 13 التي يمنحها «بيت الشعر» في المغرب، أحد أرفع الجوائز الشعرية العربية، أعاد إليه بعض حقّه الضائع. ذلك أن وديع سعادة (1948) دفع فاتورة باهظة للشعر والحياة. تجربة تراجيدية ومخاضات شاقة، شرّدته من جغرافيا إلى أخرى: من قريته «شبطين» إلى بيروت وصولاً إلى أستراليا. كتب وجعه الشخصي بكل خشونته، في المقام الأول، وحدته، عزلته، تسكّعه، عدميته، لكن الشاعر الذي كتب بخط يده ديوانه الأول «ليس للمساء أخوة» (1968)، وجلس على رصيف شارع الحمراء، على أمل أن يبيع بعض نسخه، تمكّن- بعد عناء- من أن يحجز مكانة شعرية متفرّدة، خارج الأقفاص المألوفة، مثل طائر خارج السرب. عزلته في بلاد الصقيع منحت نصوصه خصوصية في معجمه الشعري، كأنه لم يغادر أمكنته الأولى، وبيته الحجري القديم، وهواء الجبال، مازجاً سيرته برحابة العالم. الشاعر الذي مزّق قصائده العمودية الأولى اخترق جدار قصيدة النثر بأسنانه حافراً مجراه وصوته ودهشته، مؤكداً حضوره بتمجيد الغياب والغبار والألم، في عبور أبدي إلى ضفاف أكثر صلابة: «لا أعرف كيف لا تتوقف أرجلنا عن المشي حين نفقد شخصاً نحبُّه. ألم نكن نمشي لا على قدمينا بل على قدميه؟ ألم تكن النزهة كلها من أجله؟». بعد غد السبت، نحن على موعد مع صاحب «بسبب غيمة على الأرجح» لتوقيع مختارات من أعماله تحت عنوان «الذي عبر اسمه» (اختارها وقدّم لها نجيب خداري)، في فضاء «معرض الدار البيضاء للكتاب». فرصة أخرى لاستعادة مناخات هذا الشاعر الاستثنائي في معجمه، أو كما يقول الشاعر مراد القادري، عضو لجنة تحكيم الجائزة، في توصيف تجربته «قصيدةٌ في تمْجيد الغبار والغياب والعبور. قصيدةٌ تسعى للعوم لاكتشاف ما تحت الماء. قصيدةٌ تنتصر للصمت». ويضيف: «لا يُشبه أحداً، بل يشبه نفسه فقط، فيما يحاول آخرون التشبه به وخطو خطه الشعري المشدود إلى قريته اللبنانية شبطين، التي ظل مرتبطاً بها وظل حاملاً إياها معه أينما حلّ وارتحل». سنهتف معه إذاً: «قل للعابر أن يعود، نسي هنا ظله». كما سنتوقف عند عناوينه الأخرى: «رجل في هواء مستعمل يقعد ويفكر في الحيوانات»، و«مقعد راكب غادر الباص»، و«محاولة وصل ضفتين بصوت»، و«غبار»، و«من أخذ النظرة التي تركتها أمام الباب». سينضم وديع سعادة إلى قائمة الشعراء الذين حصدوا هذه الجائزة المرموقة أمثال محمود درويش، وسعدي يوسف، ومحمد بن طلحة، وآخرين.

0 تعليق

التعليقات