القدس المحتلة | كغيرها من المدن العربية والإسلامية، تحتفل القدس اليوم بذكرى المولد النبوي. ورغم محاولات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة للقضاء على التعددية الدينية للمدينة المقدسة وتهويدها وعزلها عن محيطها بالمستوطنات وجدار الفصل العنصريّ، تأتي الاحتفالات بهذه المناسبات لتؤكد على جانب أساسي من هوية المدينة وأهميتها لمختلف الطوائف الدينيّة.
«لمولدِ أحمدٍ في كل عام. سرورٌ بالعهودِ الماضيات/ فهلل يا زمانُ به وكبـِّر... وعظِّم وافتكر في الباقيات/ فأحمد سيد الكونين طراً... وخير الخلقِ من ماضٍ وآت» بهذه الأبيات من المديح النبويّ التي يرددها مؤذن المسجد الأقصى وقت السَحر، يبدأ اليوم الذي يشهد ذكرى مولد النبي. في العاشرة صباحاً، يبدأ الحفل الرئيسي الأول في المسجد الأقصى بأناشيد دينيّة يتبعها قراءة قصة المولد النبوي، كما تجوب فرق الكشافة ما تبقى من شوارع القدس وأزقّتها والتي تبلغ أوجها لحظة وصولهم إلى باب العامود ودخولهم البلدة القديمة بمرافقة عزف النشيد الوطني الفلسطيني. وتقيم الزاوية الأفغانيّة المجاورة للمسجد الأقصى الاحتفال الرئيسي الثاني، فتفتح أبوابها بمائدة الغداء بعد ظهر اليوم لجميع الزائرين. ويشهد الحفل الذي يحضره حوالي 1500 شخص كل عام؛ فعاليات تهريج خاصة للأطفال وفقرات مدائح وأناشيد دينيّة تستمر حتى العاشرة مساءً إلى أن تختتم بحلقة ذكر جماعيّة للحاضرين.
وتعتبر الزاوية الأفغانيّة الوحيدة التي حافظت على وظيفتها واستمراريتها في البلدة القديمة منذ أن أسسها والي القدس محمد باشا عام 1634 مع غيرها من الزوايا المتخصصة في نشر الثقافة الصوفية في فلسطين. وما زالت الزاوية الأفغانية محافظة على شكلها المعماري من دون تغييرات جذرية، ففيها أكثر من 12 غرفة مخصصة للخلوة، ومسجد مُعلّق، وساحة مفتوحة، ومكتبة، ومرافق للطهي وغيرها من الاحتياجات الأساسية.
تتَّبِع هذه الزاوية في العقود الأخيرة الطريقة الشاذليّة العلويّة، وتسمى أيضاً بالزاوية القادريّة نسبة إلى صاحب «الفتح الرباني والفيض الرحماني» ومؤسس الطريقة القادرية الشيخ عبد القادر الجيلاني الكيلاني (1076-1166م.). أما الزوايا الأخرى في المدينة فقد هجرت وحوَّلها سكان القدس إلى بيوت نتيجة لعوامل عدة أبرزها الاحتلال الإسرائيلي الذي يعزل فلسطين ويضَيّق على أهلها منذ القرن الماضي.