خلال السنوات الماضية، استطاع «مترو المدينة» (الحمرا ــ بيروت) خلق مساحة فنية وثقافية مختلفة في العاصمة اللبنانية، وتشكيل متنفّس لكثيرين، قبل أن تعطي التجارب التي حملت توقيع هشام جابر (1980) لجهة الإخراج والرؤية والإدارة الفنية شكلاً وروحاً جديدين للمسرح في المدينة، أهمّها «هشّك بشّك» ومن ثم «بار فاروق» الذي يُطفئ الليلة في المترو شمعته الثانية.
العرض الذي يمزج بين الغناء والتمثيل والترفيه بطريقة ذكية، يحاكي أجواء المسارح والكباريهات التي كانت تنتشر في بيروت بين ثلاثينيات وسبعينيات القرن الماضي قبل اندلاع الحرب الأهلية في عام 1975. عدد كبير ومنوّع من اللوحات وعشرات الأغاني تؤدّيها مجموعة من الفنانين الذين صاروا شبه ثابتين في إنتاجات وعروض «مترو المدينة»، وهم: ياسمينا فايد (غناء) التي تجسّد شخصية نجمة الملهى، ولينا سحاب، ورندا مخول، إضافة إلى زياد الأحمدية (موسيقى، غناء) وسماح أبو المنى (أكورديون)، وزياد جعفر (كمان)، وبهاء ضو (ايقاع) ووسام دالاتي (غناء)، وروي ديب (غناء وتمثيل)، فيما انضم إليهم أخيراً الشاب صاحب الصوت الجميل فراس عندراي بدلاً من شانتال بيطار. هؤلاء يصطحبون الحضور في رحلة إلى «بار فاروق» الذي تأسس في عام 1896 تقريباً وكان بالفعل موجوداً في ساحة البرج في وسط بيروت. هكذا، تعود شخصيات بيروتية لم تعد موجودة (مثل القبضايات) إلى الحياة من جديد ضمن عرض من صميم روح «ست الدنيا» وقصصها، يستعيد أغنيات كثيرة بعضها منسي (يقدّم أعمالاً لعمر الزعني وسامي الصيداوي وكهرمان وصباح ووداد ونجاح سلام وغيرهم) إلى جانب أخرى كتبها وألّفها جابر. علماً بأنّ التوزيع والإشراف الموسيقي من مسؤولية زياد الأحمدية.
«مَن شاهد «بار فاروق» لدى افتتاحه في آب (أغسطس) 2015 ضمن فعاليات «مهرجانات بيت الدين الدولية» (شاركت في الإنتاج) ويعود ليشاهده الآن سيشعر كأنّه عرض مختلف»، يقول هشام جابر في اتصال مع «الأخبار». يرجع ذلك إلى التغييرات المستمرّة التي تطرأ عليه، خصوصاً لناحية الأغاني (أضيفت أخيراً أغنيتَا «اضحكي اضحكي» لسامي الصيداوي و«حوّل يا غنّام» لنجاح سلام) وتطوّر الكاركتيرات التي صارت أكثر اندماجاً مع بعضها من جهة ومع أجواء بيروت في ذلك الزمن من جهة أخرى». وأضاف: «حتى أنّنا أعدنا خلق المشهدية التي تظهر في الخلفية، أي ما يظهر من الشبابيك التي تُطل على «ساحة البرج»...».
لم يكتف فريق عمل «بار فاروق» بالنجاح المحلّي، إذ لبّى في آب (أغسطس) الماضي دعوة تونسية للمشاركة في «مهرجان حمامات الدولي» حيث «لاحظنا تفاعلاً كبيراً جداً يكاد يفوق ما جرى في العام السابق مع «هشّك بشّك»... عدد الحاضرين كان كبيراً جداً في الحقيقة»، على حد تعبير هشام جابر. وعن مشاريعهم اللاحقة، أوضح أنّه من المرجّح أن تكون على جدول الأعمال «جولات في أوروبا وفي كندا».

«بار فاروق» يحتفل بعيده الثاني: اليوم ــ الساعة التاسعة والنصف مساءً ــ «مترو المدينة» (الحمرا ــ بيروت). للاستعلام: 76/309363