القدس المحتلة | قبل أيام، أطلق «المتحف الفلسطيني» في بيرزيت المعرض الافتتاحي «تحيا القدس» الذي سيستمر حتى كانون الأول (ديسمبر) 2017 لإكمال مسيرة أهدافه. افتتح الحدث بمؤتمر صحافي اشتمل على جولة في المعرض، بالإضافة إلى كلمة لكل من رئيسة لجنة «المتحف الفلسطيني/ مؤسسة تعاون» زينة جردانة، وعضو لجنة المتحف ممدوح العكر، وأخيراً مدير المتحف محمود هواري.
واكتمل المؤتمر بعرض تفصيلي تناول معرض «تحيا القدس» الذي أقيم تحت إشراف القيّمة الفنية ريم فضة، بالإضافة إلى مشاركة محلية ودولية من قبل 48 فناناً عربياً وفلسطينياً من بينهم بوب غرامسما، وخالد حوراني، خليل رباح، رولا حلواني، عاهد ازحيمان، محمد كاظم منى حاطوم، ويزن الخليلي... واشتمل المعرض على عدد من الإنتاجات الفنية والأعمال البصرية - الصوتية المتنوعة في قاعة المعرض الرئيسية وحديقة المتحف التي استخدمت للعرض أيضاً.
يهدف المعرض إلى تفعيل حراك ثقافي فني حول مدينة القدس، وقد ترافق مع مشاركة فاعلة من قبل المؤسسات والجمعيات لإحداث استجابة حقيقية لحاضر المدينة، من خلال تقديم مجموعة من الإنتاجات والبرامج الفنية التفاعلية. وكما قالت فضة، فإنّ القدس «هي مكان للعولمة وفشلها، ومكان لتخيلها كموقع للانفتاح الثقافي مع مؤسساتها وناسها».
يعكس تصميم المعرض فكرة عبور الحدود السياسية والجغرافية، من خلال تمثيل القدس وواقعها على أرض المتحف، بالإضافة إلى الأنشطة المختلفة المتنوعة المعبر عنها عند بوابات المتحف وفي الحدائق. مثلاً، عند مدخل المعرض، سيستمع الزوار لنداء السماعات للانطلاق إلى اللد والرملة وحيفا وبيروت ودمشق وغيرها، للعودة إلى ما قبل سايكس بيكو، إلى ما قبل الحدود الاصطناعية والتقسيمات الجغرافية غير الحقيقية المتنافية مع حقيقة وحدة المصير ووحدة الشعب، فضلاً عن مشاركة شخصيات فلسطينية محلية وعربية وعالمية في المعرض. وبدا واضحاً أن المعرض عكس شكل الحياة المقدسي المعقد ليجسد تفاصيل مرتبطة بمدينة القدس وعَرَضَها على من يصعب عليه الوصول إليها، وهو حال جزء كبير من الفلسطينيين.
احتوى المعرض على أربعة أجزاء. الأول عرض شكل الحياة الخاص بمدينة القدس وقيودها من شتى النواحي السياسية والثقافية والاقتصادية وغيرها. وتم التعبير عنها من خلال مواد عدة منها بحثية وبصرية وأخرى صوتية، فضلاً عن عدد من الأعمال الفنية الأخرى كاللوحات والكتب لفنانين فلسطينيين، بالإضافة إلى عرض موجز لأبرز الجمعيات المقدسية كـ «جمعية الجالية الافريقية»، «جمعية الدراسات العربية» و«المسرح الوطني الفلسطيني الحكواتي». أما المقطع الثاني، فاحتضن عدداً من الأعمال الفلسطينية والعربية والعالمية في حدائق المتحف من خلال مواد بصرية وصوتية تحاكي قصصاً وسِيَراً تعبّر عن واقع سياسي ثقافي خاص بمدينة القدس، وتم العمل عليه من قبل فنانين فلسطينيين محليين وغيرهم مغتربين. أما الجزء الثالث، فقد تناول فكرة إشراك وتطوير قدرات المؤسسات الأهلية الفلسطينية، خصوصاً في القدس. وأخيراً، ارتكز الجزء الرابع إلى إنتاج كاتالوغ يتناول حياة أهم الشخصيات المقدسية بالشراكة مع مجلة «حوليات القدس». وأكدت ريم فضة على أهمية اختيار فكرة المعرض القائمة على القدس وحياتها كونها مكان حراك فاعل يمكن أن يتحول إلى حراك ثقافي حقيقي لمناهضة الاحتلال والقمع والتهويد الذي تواجهه المدينة. كانت فكرة «تحيا القدس» وسيلة لتشكل سبيل للانتقال إلى أجواء وحياة القدس عبر مؤسساتها للذهاب إلى ناسها والتعاون معهم. وتجدر الإشارة إلى أن المعرض الأول لـ «المتحف الفلسطيني» كان في «دار النمر» في بيروت حيث اشتمل على عرض للتطريز الفلسطيني. وأكد محمود هواري أنّ «لا فرق في المكان بين بيروت أو القدس، فنحن موجودون أيمنا وجد الشتات الفلسطيني».
في المحصلة، دخل وخرج الحضور من المتحف على فكرة إعادة خلق التواصل مع مدينة القدس التي تجاوزت الحدود الجغرافية لفلسطين الانتدابية، بل تعداها إلى ما قبل ذلك مع بيروت، دمشق، الأردن وغيرها... ليعبر للحضور بشكل مباشر أو غير مباشر، أن حاجة القدس بل فلسطين إلى العودة والارتباط بسائر المدن السورية هي ضرورة ملحة لتحقيق نهضتها المرتبطة بحريتها!