«إلى يوسف عبدلكي»..
صديقي الرسّام الذي، منذُ أنْ عرفتُه (قبلَ سبعةِ آلافِ سنةٍ وبضعةِ عُصور)
لا يكفُّ عن قولِ:
«أُحِبُّ أنْ أرسمَ الحقيقةَ.. حقيقيّةً وعاريةْ».
رسمَ الجمالَ عارياً، والسمكةَ عاريةً، والحذاءَ عارياً، والغصنَ نحيلاً وعارياً، والوردةَ -وردةَ السعادةِ- يتيمةً وعاريةً، وإناءَ الوردةِ الحنونَ حزيناً وعارياً، والسكّينَ عاريةً، والعصفورَ ميِّتاً وعارياً، والجلّادَ عارياً، والضحيّةَ عاريةً، والهواءَ عارياً، والخوفَ الذي في الهواءِ عارياً، والقلبَ- قلبَ الإنسانِ- عارياً، والحجرَ الذي في القلبِ عارياً، والبُـنَـيَّـةَ عاريةً، والأمَّ عاريةً، والمرأةَ منفوخةَ البطنِ بمآتِـمها... عاريةً، والجثمانَ (جثمانَ هذا، وذاكَ، وتلكَ، ونفسِهِ) وحيداً وعارياً.../ ورسمَ الأحلامَ والأمل.

مع ذلك، مع كلِّ ذلك، لا يكفُّ عن الشكوى:
أنا لا أَصلُحُ لأنْ أَكونَ رسّاماً.
فلقد فاتَني (بل وصَعُبَ عليَّ) أنْ أرسمَ الزمنْ.
فاتَني أنْ أرسمَ الأفكارَ، والأسرارَ، وخيباتِ قلوبِ الموتى.
فاتَني وصَعُبَ عليَّ أنْ أرسمَ ما لا يُرى، ولا يُفَسَّرُ، ولا يَقبلُ الرسم: «الألم..».
أبداً!.. أنا لا أَصلحُ لأنْ أكونْ......
... ... ...
صديقي الرسّام
صديقي الذي لا يَصلُحُ لأنْ يكونَ رسّاماً..
صديقي الذي لا يَصلحُ لأنْ يكونَ إلاّ رسّاماً..
مُنهَمِكٌ منذُ عصورٍ وعصور
في رسمِ ما يَخشى «ألاّ يُفلِحَ» في رسمِهِ أبداً: «الدمعة..».

: صديقي الرسّام..
صديقي الذي تُؤّرِّقُـهُ «رَسـمـَةُ دمعةْ»..
صديقي «الدمعةْ».
15/12/2016