في صالة «متروبوليس صوفيل» (الأشرفية ــ بيروت)، يُعرض الليلة الفيلم الوثائقي «الحب الملموس، عائلة البويهم» لموريزيوس ستاركل دروكس. العرض من تنظيم «المركز العربي للعمارة»، ويتناول سيرة عائلة المهندسين المعماريين الاستثنائية «البويهم»، المكوّنة من المهندس المعروف الأب غوتفريد بويهم (1920) وأبنائه ستيفين وبول وبيتر المهندسين، إضافة إلى زوجته إليزابيت. ويعدّ الأب من بين المعماريين الأكثر شهرة في ألمانيا، خصوصاً بعد فوزه بجائزة «برتكريز» التي تعتبر بمثابة جائزة «نوبل» للعمارة، وهو الألماني الوحيد الذي فاز بها حتى الآن.
يعود التاريخ المعماري لهذه العائلة إلى جدّ غوتفريد الذي كان معمارياً وأبيه دومينيكوس الذي اشتهر بتصاميمه للكنائس الكاثوليكية الرومانية والمباني الكنسية. تخرّج غوتفريد في «جامعة ميونخ التقنية» عام 1946، ثم درس النحت في «كلية الفنون الجميلة»، الأمر الذي ساعده لاحقاً في نماذج الطين التي صنعها أثناء تصميمه للمباني.
عمل بعدها مهندساً مساعداً في الشركة التي كان يملكها أبوه والتي تسلم إدارتها بعد وفاته. كذلك عمل مع المهندس رودولف شوارز في الجمعية التي أسّسها لإعادة إعمار كولنوي، إحدى المدن الألمانية التي طالها القصف العنيف أثناء الحرب العالمية الثانية. لكن التجربة التي أغنت رؤية غوتفريد الفنية هي سفره إلى مدينة نيويورك عام ١٩٥١، وعمله في شركة للهندسة. هناك، تسنى له لقاء المهندس المعماري الألماني لودفيغ ميس فان دير روه إلى جانب والتر غروبيوس أحد رواد العمارة الحديثة في ألمانيا ومؤسس «أكاديمية الباوهاوس للتصميم» في ألمانيا. في ما بعد، تميّزت تصاميم غوتفريد بجمعه بين القديم والجديد، حيث يظهر تأثره ومزجه لعدة تيارات، منها التعبيرية والباوهاوس، خالقاً أسلوباً استثنائياً كما في مبنى بلدية بنسبرغ، أو في كنيسة الحج في نيفيغ. وتنوعت التصاميم التي أنجزها للكنائس والمتاحف والمراكز الثقافية أو حتى المباني السكنية. ومن أبرز المفاهيم التي تعبّر عنها تصاميم غوتفريد هي محاولة الجمع بين الأمكنة الخاصة والعامة وإيجاد استخدامات جديدة للأمكنة المهجورة في المدينة. يصور الوثائقي «الحب الملموس، عائلة البويهم» الحائز «جائزة غوتيه للفيلم الوثائقي» يوميات غوتفريد الذي بلغ الثالثة والتسعين من العمر، وعلاقته بتصاميمه التي تعكس أيضاً نظرته إلى الحياة. كذلك يقرب الشريط على علاقته بزوجته أليزابيت وبأولاده المعماريين الثلاثة، والاختلاف في الآراء ووجهات النظر، ما يعكس التحولات المعمارية التي شهدتها ألمانيا من جيل إلى آخر. يقود المخرج مقابلاته بشفافية مع شخصياته، من دون أن يخترق حميميتها، تاركاً للغة السينمائية أن تستكشف ما لا يقوله الحوار.

«الحب الملموس، عائلة البويهم»: اليوم ــ 20:00 ــ «متروبوليس صوفيل» (الأشرفية ــ بيروت). للاستعلام: 03/209226