تحتضن ضاحية بيروت الجنوبية هذه الأيام مقهى من نوعٍ مختلف. «جلسة» مكانٌ ثقافي أكثر منه لشرب القهوة أو مشاهدة مباراة كرة قدم. ولنفي تعبير «ثقافيٍ» حقه، لا بد أن نقول إنّه لا يكتفي بوجود مكتبة داخله، أو موسيقى هادئة تزيّنه، بل يحتضن أنشطة ثقافية كل أسبوع وبشكلٍ دوري منذ افتتاحه قبل أشهرٍ قليلة وحتى اليوم. وكان لافتاً إحياء الأستاذين الموسيقيين أحمد نظام ومحمد عيّاش أمسيتين غنائيتين.
«لقد كان الموضوع حلماً في الأساس»، يخبرنا المالك حسن جواد، مضيفاً: «في الضاحية مَن لا يملك متنفّساً ثقافياً من هذا النوع؛ مكان يمكن الجلوس فيه بعيداً عن الصخب، ولغير المدخنين مثلاً... أنا شخصياً كنت أبحث عن مكانٍ كهذا هنا، ولمّا لم أجد قرّرت خوض تجربتي الخاصة». لكن لماذا اختيار «قلب الضاحية»؟ «لأنّني أردت القول إنّنا نحب الثقافة والحياة. القهوة في منطقة الرويس ومقابل مكان التفجير الإرهابي الذي سبق أن وقع هناك. أردنا القول إنّنا نقاوم بكل الطرق».
ماذا عن الأنشطة؟ «مَن يظنّ أنّ أهل الضاحية متزّمتون فهو لا يعرفهم أبداً. نحن نركّز على الجانب الثقافي»، يؤكد جواد. ويشير إلى أنّه «بدأنا مثلاً بحفلة لعازف البيانو مهتدي الحاج، وكانت ناجحة، رغم وجود بعض الاعتراضات، نظراً لقرب المقهى من «قاعة سيّد الشهداء». أنشطة مقهى «جلسة» منوّعة، فمرّة نرى الحكواتية سارة قصير، وأخرى يكون الموعد مع علي منصور الموهوب في مجال الستاند آب كوميدي، أو مع العزف على العود والغناء مع أحمد نظام ومحمد عياش، ومع عازف الغيتار علي الصبّاح. وللشعر حصّته أيضاً مع علي طالب، كما حجز الإنشاد مكانه مع حسين زعيتر. ويكشف جواد لنا أنّه «لم أكن أعتقد في السابق أن الناس سيأتون مثلاً لحضور أمسية شعرية، ولا أخفيك أنّه كان من أكثر الأنشطة نجاحاً، وكذلك الأمر بالنسبة للستاند أب كوميدي».
هنا، يبرز سؤال أساسي حول إمكانية استمرار الوضع على ما هو عليه مع حلول شهر رمضان؟ يجيب جواد: «بالعكس نحن سنزيد وتيرة أنشطتنا كثيراً. في رمضان سيكون هناك نشاط ثقافي/فني يومياً».
أما مستقبلاً فـ«جلسة» بصدد إنشاء مكتبة سمعية ــ بصرية، فضلاً عن توسيع المكتبة الموجودة أصلاً لتصبح أكبر مما هي عليه الآن بثلاث مرّات، فيما يُصرّ حسن جواد على أنّ «الكتب فيها مختارة بعناية وتشمل جميع الاتجاهات والشرائح، وليست محدّدة ضمن إطار واحد».