كما هو معروف، فإنّ «تلفزيون لبنان» وقّع شراكتين اثنتين ضمن التعاون التلفزيوني مع القنوات الأجنبية: euronews، وfrance 24. تنظم وزارتا الإعلام في البلدين عادة هذه الشراكات، وتتفقان على البث المشترك. من ضمن بنود الشراكة وجوب البث المباشر الموحّد، أكان في البرامج أم في النشرات الإخبارية. هذا الأمر يخلق بالطبع إشكالية واسعة لما تبثه الشبكتان الفرنسيتان من مضامين قد لا تتلاءم مع الثقافة والسياسة الوطنية اللبنانية. في الآونة الأخيرة، بدأ «تلفزيون لبنان» بتعديل البروتوكول الموقّع مع «فرانس 24» (2013)، عبر بثّ البرامج المتفق عليها بعد تسجيلها ومراقبتها، إذ تبيّن أنّ بعضها يروّج لـ«الصهيونية» ولـ«مواضيع إباحية لا تتلاءم مع المجتمعات الملتزمة أخلاقياً ودينياً»، وفق ما يؤكد لنا مدير البرامج في القناة الرسمية حسن الشقّور. أجري التعديل الرقابي على الشبكة الفرنسية الناطقة بالعربية، وبقي البث المباشر الموحّد لنشرة euronews صباحاً (8:00)، وهي عبارة عن نشرة معرّبة لا تقل مدتها عن ربع ساعة. الأحد الماضي، شيّع شمعون بيريز، وضجّت الميديا الغربية بتمجيد المجرم وتظهيره على أنه رجل «سلام». وعلى «تلفزيون لبنان»، كان فاقعاً ما بُثّ صباحاً ـــ نقلاً عن euronews ـــ عن جنازة بيريز، وحتى التقرير المختصر عن علاقته بالجيل الشاب ووسائل التواصل الاجتماعي. مرّ هذا الأمر بشكل عادي على الشاشة الرسمية، عن غير قصد ربما. وهذا ما تبيّن حين حملنا استفسارنا إلى الشقور الذي انتبه إلى التقرير والمضامين التي تبثها الشبكة الفرنسية، لكنّ الوقت لم يسعفه لقطع البث كما قال لنا. فبين تواصله مع الأقمار الصناعية وغرفة التحكم الرئيسية في القناة، مرّ خبر الجنازة والتقرير الإخباري على الهواء. وفي اتصال مع «الأخبار»، علّق مدير الأخبار والبرامج السياسية في القناة صائب دياب على هذه المواد المعروضة، محيلاً الأمر الى الخلافات الواقعة بينه وبين المدير العام المؤقت طلال المقدسي الذي سحب صلاحيات دياب في مجال مراقبة البرامج السياسية والأخبار و«معرفة العدوّ من الصديق»، وفق ما يقول لنا دياب. وأشار أيضاً إلى أنّه لا يملك حتى صلاحيات في تنظيم دوام الموظفين (77 موظفاً) الذين يعملون في دائرته. هذه الخلافات ليست جديدة منذ تولي المقدسي دفة القناة الرسمية (2013). ولدى سؤالنا المقدسي عن رأيه في ما بُثّ على الشاشة الرسمية يوم الأحد، أحالنا الى مدير البرامج، وطلب منحه وقتاً كي يتأكد منها، بما أنه لم يستطع المتابعة في الآونة الأخيرة.
لا شك في أنّ هذه السقطة وغيرها من المواد والمضامين المخالفة للقوانين اللبنانية التي تمرّ على الهواء، وليس آخرها المباريات الرياضية ضمن «الأولمبياد 2016» حين بثّ «تلفزيون لبنان» أجواء الاحتفاء بدخول الفريق «الإسرائيلي» الى حلبة التعريف به، ونقله مباريات أخرى جمعت فريقي كوبا و«إسرائيل»، تحتاج فعلاً الى رقابة عالية، وإعادة النظر في البروتوكولات الموقّعة مع الشبكات الأجنبية. من غير المنطقي تطبيق الرقابة على ما تعتبره القناة الرسمية خدشاً لحياء بعض الشرائح اللبنانية «الملتزمة»، فيما يجب أن تتجه الأنظار الى خطورة ما تبثه الشبكات الغربية وآخرها طبعاً تغطية جنازة بيريز، والإضاءة على جوانب من سيرته.