ذاكَ الذي أعْنِيه...

  • 0
  • ض
  • ض

لأنه ليس إلاّ مسكيناً:
خانني... ويعرفُ أنني أعرف.
دَبّرَ لي العثراتِ، والمكائدَ، والأزهار...
ويعرفُ أنني أعرف.
آوى خوَنتي، ومُبغِضِيَّ، ومُتَحَـيِّني الفرصِ لذبحي...؛ ويعرفُ أنني أعرف.

مع ذلك: المسكين! ليس نادماً أبداً، وليس خائفاً أبداً.
(هو يقول دائماً إنني, على غرارِ سيّدهِ المسيح, أَتَلَـقَّى الصفعةَ ولا أجرؤ على الردّ).
المسكينُ المسكينْ! المسكينُ الأحمق!
يَتَودّدُ إلى أعدائِهِ.. قدْرَ ما يحبُّ أعداءهم،
ويرفعُ الهدايا إلى مَن يُبغضُهم.. لعلّهم يُعِينونهُ في حربهِ على مَن يبغِضونه.
المسكينُ القدّيس!
المسكينُ الذي يَتبسّمُ حين يمدّ يده إلى خنجره، ويتأتئ حين يقولُ «صباح الخير»...
المسكينُ الذي لا يتوقّفُ عن الابتسام..
المسكينُ الذي قَدَمُهُ في بؤبؤِ السماوات، وعينُهُ على أحشاءِ الأرض (المسكينُ الذي قَدَمُهُ أثمنُ من رأسه)
المسكينُ الذي يستطيعُ أنْ يُغَــيِّـبني في ظلماتِ العدم ( لأنه, حسبما يقول, «يُدَلِّل» القضاةَ والشرطةَ والملائكة)
المسكين الذي وقعتُ في محبَّته يومَ لم أكن أخاف منه
(ذاك الذي، الآنَ، لأنني أخاف منهُ، أَعجزُ عن محبّته)
المسكينُ المسكين!
ذاك الذي «يُديرُ بالَهُ» على أسنانه، وأظافره ، ونعلِ حذائه (حذائِهِ الذي يدوسُ به على قلوب الناس)
ذاك الذي...
يحبّ الآلهةَ، والقدّيسين، والأقوياء
ولا يكره إلا الضعفاء، والمتسوّلين، والـ... بشر؛
ذاكَ الذي
حفظَ جميعَ الأناجيل
لكنه لم يتعلّم كيف يحِبّ،
وقرأ جميع كتبِ التاريخ
لكنه لا يعرفُ كيف «يَتذكَّر».
ذاك المسكينُ المسكينْ
ذاك المسكينُ الذي...:
أعرف أنه يعرف أنني أحتقره
ولا يموتُ بجلطةِ الحياء.
.. .. ..
المسكينُ الذي
بقدْرِ ما يظنّ أنه حيّ:
يعيشُ ميْتاً.
22/3/2015

0 تعليق

التعليقات