في «مستشفى سان مالو» في بروتاني الفرنسية، أغمض السينمائي رينيه فوتييه (1928 ــ 2015 / الصورة) عينيه أخيراً على تجربة سينمائية أمضاها في مناهضة الاستعمار، والاهتمام بقضايا المرأة والأبارتهايد في جنوب أفريقيا والحرب الجزائرية والبيئة، وانتقاد اليمين الفرنسي المتطرف. حياته الصاخبة شغلتها مواجهة مقص الرقيب الفرنسي، الذي طارد أعماله وألقى به في السجن وحجب أفلامه، ليستحق لقب «أكثر المخرجين الفرنسيين تعرضاً للرقابة». هكذا تحوّلت الرقابة إلى شبح يلاحق أعماله، فأضرب عام 1973 عن الطعام شهرا كاملا، مطالباً بوقف الرقابة الفرنسية السياسية على الأعمال السينمائية، قبل تعديل القانون لاحقاً، وإنهاء هذه الرقابة المتشددة.
التحق فوتييه بــ «المعهد العالي للدراسات السينمائية في باريس»، وأنجز أول أفلامه «50 أفريقيا» وهو في بداية العشرين من عمره. الشريط الذي صوره في غرب أفريقيا منع لأكثر من 40 عاماً في فرنسا، وحبس بسببه عاما كاملا. وفيه، تطرق إلى نقص المدرسين والأطباء في أفريقيا، والجرائم التي ارتكبها الجيش الفرنسي هناك محوّلاً شريطه ضد الاستعمار الفرنسي. كذلك، انخرطت أعمال «مصوّر الثورة الجزائرية» السينمائية في الحروب والثورة الجزائرية، أهمها «أمة: الجزائر» (1954) الذي لوحق بسببه بتهمة «المساس بأمن الدولة»، و«الجزائر تحترق» (1958) و«في سنّ العشرين في الأوراس» الذي كان أول فيلم عن الثورة الجزائرية مُنح «جائزة النقاد» في «مهرجان كان» (1972)، وقد عرضت نسخته المرممة ضمن «كلاسيكيات البندقية» عام 2012.