كندا ـــ جاكلين سلامبعد صدور كتابه الجديد، بادر مارتل إلى إرسال نسختين منه إلى رئيس الوزراء الكندي. أرفق النسختين برسالة يشرح فيها أنه أراد جمع رسائله في كتاب كي يأمن حفظها في الأرشيف بأمانة. وتعهّد في المقابل بنشر ردود رئيس الوزراء الذي آثر الصمت، واكتفى مكتبه بإرسال عدد محدود من الردود الرسمية التي تقتصر على إشعار بوصول البريد والشكر.
لكن، ما السبب الذي دفع مارتل إلى هذه المبادرة الغريبة؟ في بداية 2007 أقيم احتفاء رسمي بعدد من الكتّاب الكنديين الذين نالوا منحة أدبية من مجلس الفنون الكندي في العاصمة أوتاوا. يخبرنا مارتل أن تكريمه والآخرين جاء بتقديم سريع لكل منهم. كان هاربر هناك غير مبال بما يجري حوله. لم ينظر في وجوه المكرّمين، لم يقل كلمة، بل ظلّ يقلّب بضيق أوراقاً أمامه. من هنا ولدت فكرة الحملة التثقيفية الرئاسيّة التي رفدها مارتل بموقع إلكتروني ينشر فيه الرسائل وعناوين الكتب المرسلة والردود.
ويتوّجه بالكلام إلى رئيس الوزراء الكندي: «صحيح أن اسمك وارد في عنوان الكتاب، لكنَّ الكتاب ليس عنك، إنه كتاب عن الكتب وعن القراءة». ولا يجد غضاضة في أن يقترح عليه قراءة «أهون الشرور» (The Lesser Evil) كتاب مايكل إغناتييف، رئيس الحزب الليبرالي المعارض في كندا. أرسل له العمل، وهو بحث سياسي تاريخي عن طرق مكافحة الإرهاب وما آلت إليه الحروب في أفغانستان والعراق وغيرها. وذكّره بضرورة قراءة كتابات معارضه السياسي ليعرف ما يجري في ذهنه ويفهم كيف يماحكه. الجدير بالذكر أنّ إغناتييف أصدر 16 كتاباً، بينها 3 روايات، كما أنّه عمل مذيعاً وصحافياً في السابق.
يحتفي كتاب «ماذا يقرأ ستيفن هاربر؟» بالكتابة ويتوجّه إلى عشاق القراءة من كل المشارب. أول الكتب التي تلقاها رئيس الوزراء الكندي كان «موت إيفان إيفانوفيتش» لتولستوي. كما وصلته أيضاً ملحمة جلغامش، و«يوليوس قيصر» لشكسبير، إضافةً إلى أعمال لفولتير، وإرنست همنغواي، ومارغريت أتوود، وأليس مونرو، وجاين أوستن، وفيليب روث.
كذلك وجد هاربر في صندوق بريده «انتظار البرابرة» لجي. إم. كويتزي، «هيروشيما حبيبتي» لمارغريت دوراس، وسيرة ذاتية مصوّرة عن بطل التمرّد عند الهنود الحمر في كندا لوريس ريل، إضافة إلى أشعار تيد هيوز، ونورثروب فراي... ولم ينسَ أن يخصّه بكتاب عن رياضة الهوكي التي يعشقها هاربر. لم ينس مارتل أن يضمّ إلى قائمته كتب كنديين ممن ألقوا خطابات ناقدة شديدة اللهجة حين أصدر هاربر قراراً بالحدّ من المساعدات المالية المخصّصة لدعم الفنون. فكرة مارتل في «ماذا يقرأ ستيفن هاربر» جريئة ولئيمة ومرحة. لكن، ماذا لو خطر لكاتب عربي أن يفعل بالمثل، فيرسل كتباً إلى رئيس جمهوريته، يرفقها برسائل ودية نقدية تتحدث عن أحوال البلاد من وجهة نظر معارضة، وتتحدّث عن ظروف الكاتب الفقير والصحافي الملاحق والشارع المفتقر إلى الخدمات الأولية؟