الضعف هو «الجِينةُ» الوحيدة الأصيلةُ في جسم الإنسان، بل وحتى في عقله.
أمّا القوة، بكل تظاهراتها وتجلّياتها، فليست إلا عَرَضاً «فيروسيّاً» مؤقتاً، لا ينشط إلا في حلبات الاستعراض، ولا تُبهجه الإقامةُ إلا في سراديب الذكرى.
إليكم صديقي :
قائمةُ أمراضهِ وأوجاعِهِ لا تتّسعُ لها روزنامةُ مؤرّخ. كان رياضياً في ما مضى، رياضيّاً صاحبَ كؤوسٍ وألقابٍ وميداليات.
الآن، إذْ لم تترك له الكهولةُ ما يتباهى به من الإنجازات، صار (كجميع أندادهِ من المحاربين القدامى والأبطالِ المحالين على التقاعدِ واليأس؛ وكي يهرب من حياكةِ الذكرياتِ، ويُنَجّي قلبه من وخزاتِ التحسُّرِ عل الماضي ) صارَ يتسلّى، مثلما تفعل الأمهاتُ والعجائز، بتأليفِ أمراضٍ مستعصية وغامضة لا تُفلِحُ معها، مِن بين جميعِ الأدوية، إلا الصلواتُ ودموعُ الأصدقاء المشفِقين.
.. .. ..
الناس، مهما حاولوا الاستنجادَ بتاريخ قوّتهم (ربما بسببِ فخامةِ عقولهم وغزارةِ وساوسهم وأحلامهم) كائناتٌ ضعيفة، ومفطورة على الاستغاثةِ والشكوى.
شكّاؤون، شكّاؤون بلا هوادة. كأنّهم، بهذه التَشَكِّيات عديمةِ الأذى وعديمةِ المنفعة في آن، يتوسّلون إلى الموت:
أيها الموتُ الرحيم، أيها الموت الطيّب! أَشفِقْ على هزائمنا، وامنحنا فرصةً إضافية لتصحيحِ ما سبقَ مِن هفواتنا، والعودةِ مرةً ثانية إلى قاعةِ الامتحان.
22/2/2015