لويس سيبولفيدا *ترجمة وليد سليمان
أنتظر منذ ساعتين وأنا أتمتم: «لا يهمّني أن ينظروا إليّ»، فيما أبحثُ عنّي في زاوية المرآة لكي أمسّد شعري وأعدّل عقدة ربطة عنقي. يمكن رؤية أشياء كثيرة في المرآة: ظهور سترات فاخرة من نسيج صناعي، أو سيقان تغطّيها بنطلونات من كتّان لأن الصيف يقترب، أو هياكل آدمية ترتدي قمصاناً أو ذلك النوع من البلوفر الذي يوضع بلا مبالاة على الكتف، وهناك أيضاً رأسي، بين زوجين من الموكاسان، ووجهي العصبي قليلاً، والجديّ، والمليء بالأمل.

ينظر الناس إليّ. بعضهم يبتسم، وآخرون يغمزون جيرانهم لكي ينتبهوا لوجودي، وأنا أعرف أن هندامي ليس هو السبب في ذلك. عارياً أو كاسياً، لن أمرّ أبداً دون أن أجلب الانتباه. لقد قطفت أزهاراً من الحديقة القريبة، ولم أفعل أمراً خارقاً، وكانت تلك الأزهار البسيطة هناك، في متناول يدي. لا أعرف حتى اسمها. هل ستأتي؟ أشكّ في ذلك. ذلك أنني أعرف كم يصعب التغلّب على خوف هو ليس كذلك، وعلى خجل لا يمكن الاعتراف به، وأكثر الأخطاء براءة. أشكّ في ذلك، ولتهدئة لا يقين ساعات الانتظار هذه، أشعل سيجارة. الآن، أجتذب نظرات المارة أكثر فأكثر. دائماً هكذا. «إنه يدخّن»، «إنه يأكل»، «إنه يبكي». مهما فعلتُ، دائماً هكذا. فجأة، أنظر إلى باقة الأزهار وأكتشف أنه عوضاً عن الإمساك بها، تضغط يداي عليها، وتعصرانها بعنف يكفي لكسر هشاشة عنقها النباتي. أبتسم مفكّراً أن برهةً قصيرة جداً من الوقت كانت كافية لتبدوَ حزينة، مثل علم جيش صغير مهزوم، وتُظْهِرَ لي تويجاتها الذابلة أن وقت الانسحاب قد حان. أُلقي بالباقة في أوّل صندوق قمامة يعترضني، وأبتعد تتبعني نظرات المارّة وأصواتهم التي تقول: هل رأيتَ كيف ألقى القزم بالأزهار؟ ربّما كان على موعد مع قزمة؟ لقد تخلّفتْ عن موعدها معه. الأقزام غريبو الأطوار، وتعليقات أخرى ذات مستوى يجعلني لا أريد ولا يجب عليّ أن أردّ عليها.

* لويس سيبولفيدا: ولد سنة 1949 ويعتبر من أبرز الكتّاب التشيليين المعاصرين. حقّق شهرة عالمية عند صدور روايته الأولى «العجوز الذي كان يقرأ الروايات الغرامية» التي ترجمت إلى 35 لغة. من أشهر أعماله: «عالم نهاية العالم»، و»اسم مصارع ثيران»، و»مذكرات قاتل عاطفي».