/ 1 /

أريدُ مغادرةَ المدرسةِ التي تقودني
إلى تصنيع الظلام والأسلحة والزهور التي تعرف
المشي نحو المقابر..
أريدُ مغادرة الدين الذي يقذفني من الطابق العاشر
لأتعلم الإيمان عل الأرض.
أريدُ الابتعاد عن عمامة الشيخ المنتصبة كالمدخنة
فوق السطوح.
والقفز بالزانة فوق تمثال بوذا الذهبي الذي يُشعرني
بحاجة الجسم للريجيم.
أريدُ أن أحنق على جدول الضرب قليلاً
وأشتمُ علامات المَدّ في اللغة الأم.
أريدُ الإتيان بنقار الخشب لشجرة الصفصاف
العاطفي.
وبسيغموند فرويد لكلية عِلم الأخلاق والنشوة
والاغتباط.
لا تهمني السياحة الحمراء في الثكنات.
أنا مُمثّلٌ هَزْليّ بسليقة السائل المَنويّ
المتدفق من الأقوام السحيقة.
كلما لامسَتُ بعقلي باباً من «طوق الحمامة»
سرعان ما وجدت في الريح قلبي
كمنجةً
تجمعُ فتافيتَ لحومها من النساء.

/ 2 /

أساءَ إدارةَ الحزنِ بوجهه دون اكتراث،
ومضى يضربُ الأرضَ بقدميه.
عن أي حبّ سيسألُ،
وقلبُ هوميروس حبةُ طماطمٍ أفرغتها الزلازلُ
والأهوالُ من كل أثاث ورغوة.
صدرهُ ما عاد مُتساوي الأضلاع..
أصبح شرفةً فاغرةَ الفم بكرسيّ مُتحطمٍ واحد،
وتطلُ على هاوية زرقاء.
الوردُ متعطلٌ في خيالهِ أو في إجازة.
والذكرياتُ التي ستتشكلُّ فيما بعد على هيئة
حشراتٍ نابحةٍ
ستكون المستشفى الآمن لكلّ مرضى
الرأس.
....
البابُ العسكري واسع في النَّفْس.
وسيخرجُ هو من جثمانه الضيقِ،
بحثاً عن بيتٍ زجاجي يتدفأ بين نباتاته.

/ 3 /

الغرامُ في غرفة النوم مع فرشاة
الرسم الزيتي.
ومطفأةُ الحريقِ على الجدار،
تراقبُ بلسانها حركة المرور في الصالون.
كلُّ شَئ هادئ.
الحقائقُ المُجَرّدةُ من الكربون.
أناشيدُ الماشيةِ الدَسِمّة.
والستائر التي نظفتها الرياحُ من العظام.
كيف يمكنني حراسة نفسي وأنا على حافة
هاوية جسدكِ.
لن أنمو كالأرز لأبقى صامتاً في مناطقك
الدافئة.
ذلك ليس من أغراض النصّ.
ولا من بلاغة الحواسّ،
عندما تهددُ قلاعَها الفئرانُ بالاجتياح.
ثمة مخبأ،
ومع أن قائمة نفقات الحزن مدفوعة،
فأنا لا أستطيع الاحتفاظ بحطامي على مدار
كل هذا الوقت.
ومن الآن فصاعداً..
لن ينزعَ رأسي خوذتهُ المعدنية
مثلما لن تترك قدماي جواربهما المحوكة من السديم
والضياع ونسخ الضباب المزورة.
أنا هنا أمام مرآة قاحلة..
وبدني يظهر كما لو يكون سفينة نوح
بلا رُكّاب.
هل كانت المياهُ بظهري وحدي،
وكلّ نقطة من دم البحر ذاك،
خلية من جسدي في تراكم فاكهةِ
المَنيّ وزمجرة البرق.
أنا صاحبُ الغرقى
الارتطاماتُ في أثري
وذاكرتي حوضٌ بثقبٍ،
أحاولُ تفريغها من أساطيل الحروب
والقراصنة.

/ 4 /

يرغبُ بنسخةٍ من البحر
ونسخةٍ أخرى من الدُلفين العامل
في سيرك النصوص.
يريدُ إسطرلاباً لاستكشاف نومهِ في حجرة
المياه المالحة في منتهى السموات.
الحياةُ كومةُ رمادٍ على هذا الاوتوستراد،
يدخلها النبيذُ كالطلقةِ مسرعاً،
لخفض درجة حرارة الموت في الحواسّ.
بينما الطائراتُ
فعادةً ما تبدأ التحليق من جوف العقل.
علّ الغاوين من مرضى القصائد يخرجون
من تلك الكهوف،
ويتجولون بين التماثيل وأدوات الموسيقى
وانطولوجيا الذئاب الراكدة في أكياس الدم.
هذه المدينة دوّامةٌ بليدةٌ من الحبّ
والرُّسومِ الجُمركيّةِ والحقولِ التي تحولتْ إلى نخالة
طبية في الدكاكين والصيدليات.
الآن..
وفي آخر صفحة من الجليد القلبي،
ربما تطيرُ نسخةٌ من تلك الأغنية مع الرياح
الثقيلة
فلا يكون بإمكان السيدة الجميلة بعد الآن
انتزاع حجر الكآبة من روح الآيل
المشرد ما بين الكيبورد وبين الأوراق.

* شاعر عراقي