إسبانيا ما زالت تبحث عن فيديريكو غارثيا لوركا (1898 ــ 1936). والذاكرة الجماعية لم تشفَ من جرح الشاعر القتيل. منذ الشهر الماضي تعمل آلات الحفر والتنقيب، على أمل نبش رفاته، بعد 78 عاماً على اغتياله برصاص الفاشيست، مع اندلاع الحرب الأهلية الإسبانية.
كان لوركا عند منعطف حاسم من تجربته الشعرية، حين قرر العودة من نيويورك للإقامة في الأندلس، وكان يحدس بموته في غرناطة التي تسيطر عليها القوى المعادية للجمهورية آنذاك. ومنذ ذلك الحين وطيف صاحب «عرس الدم» يخيم على إسبانيا حيث منعت أعماله في عهد فرانكو. وقد حدد المؤرخ الإسباني ميغيل كاباليرو بيريز مكاناً تقريبياً في التلال المطلة على غرناطة، بالقرب من ضيعة فيثنار. وفي تلك المساحة الممتدة على 300 متر مربع، انطلقت الحفريات أخيراً، إذ يعتقد أن لوركا يرقد في مقبرة جماعية دفنت فيها 3500 جثة من مفقودي الحرب الأهلية الإسبانية. ها هو الشاعر يطلّ مجدداً على غرناطته، خشبة الموت والخلاص، تلك المدينة التي وصفها في حديث لصحيفة El Sol التقدمية، قبل رحيله: «أنتمي إلى غرناطة التسامح. غرناطة ما قبل السقوط في يد اليمين المتطرف».