صنعاء | لم يفتح «معرض صنعاء الدولي للكتاب» أبوابه هذا العام. انتظر الناس موعد الدورة الأربعين في نهاية أيلول (سبتمبر) لكنّه لم يتحقق. قيل بأن اجتياح جماعة الحوثي المُسلّحة لمدينة صنعاء وبداية حصارها في مفتتح الشهر نفسه جعلا مناخ العاصمة غير ملائم لافتتاح معرض للكتب حيث ارتفع صوت الرصاص لتنسحب راية القراءة.
وكان لافتاً في معرض الدورة السابقة مشاركة جماعة الحوثي نفسها بجناح خاص عرضت فيه مطبوعاتها للمرة الأولى. إلى ذلك، ظهر العدد الكبير الذي سجلّه الحضور لنجد أن نحو مليون ونصف المليون زائر عبروا ردهات وأجنحة المعرض رقم 39 بحسب الإحصائية الرسمية التي أصدرتها «الهيئة اليمنية العامّة للكتاب». رقم كبير يتناقض مع الحالة المعيشية الصعبة التي صارت تحيط بحياة المواطن اليمني، وأوضاع البلد الاقتصادية تغرق في أزمات متلاحقة نتيجة الصراعات السياسية الخانقة. لكن يبدو أنّ الكتاب ينتصر على كل هذه الظروف، والقارئ اليمني العاجز عن السفر خارج البلاد لاقتناء الجديد من الكتب، لا يجد غير هذه الفرصة السنوية وسيلة لتحقيق امتلاكه لما يريد من إنتاج المطابع العربية المتنوعة.
يمكن القول إنّ معرض تلك الدورة مثّل مفاجأة لم تكن في بال أكبر المتفائلين، خصوصاً إذا ما نُظر إلى الحالة التي وصل إليها خلال السنوات الخمس الأخيرة، إذ تحوّل إلى مساحة استثمار مرتدياً صبغة تجارية صرف لا تمانع في فتح مجالها لمشاركة أي دور مهما كانت نوعية الكتب التي تعرضها، إضافة إلى انفتاحه على تقديم الأدوات الالكترونية والمواد الاستهلاكية التي لا تتقاطع مع فكرة المعرض الثقافية. وفوق كل هذا، استأثرت الكتب ذات الطابع الأصولي السلفي بغالبية الأعمال المعروضة الصادرة عن دور قادرة على دفع التكاليف الباهظة التي يتطلبها استئجار مساحات على أرضية المعرض. وكان من أبرزها جناح وزارة الثقافة السعودية التي تحرص على نيل مساحة واسعة لعرض مطبوعاتها الواقعة خارج إطار الزمن وتُقدَم بأسعار زهيدة.
وعلى عكس التوقعات، ظهر معرض العام الفائت مُبهجاً لصالح طالبي الإصدارات التي تحمل صبغة حداثية متقدمة عبر عودة غالبية الدور اللبنانية التي قاطعت معرض صنعاء في السنوات الأخيرة. ومن كان يحضر منها كان يفعل ذلك عبر دور نشر وسيطة تتكفل بتوزيع كتبها منها دور "الساقي" و"الجمل" و" لمركز الثقافي العربي" و"الفارابي"، إضافة إلى إصدارات «المنظمة العربية للترجمة» التي أتت العام الماضي بشخصها وممثليها الأصليين.
ولهذا، سيبدو غياب معرض هذا العام مؤثراً في حق أولئك الذين ابتهجوا بحضور الدور اللبنانيّة في الموسم الفائت. عبد الجبار العتواني صاحب واحدة من كبرى مكتبات صنعاء وشديد التواصل مع الدور اللبنانية يقول لـ "الأخبار" إنّه لن يترك الفرصة تمر من دون امتلاك جديد تلك الدور. ولهذا قرر المشاركة في معرض بيروت بهدف الحصول على جديد المطابع اللبنانية "وعلى وجه الخصوص إصدارات الروائيين اليمنيين الشباب الذين صاروا يطبعون أعمالهم في «دار الساقي» و«الآداب» و«الريّس» ومنشورات الاختلاف". ويضيف العتواني بأن أعمال علي المقري وحبيب سروري ونبيلة الزبير تلقى رواجاً كبيراً حين عرضها في صنعاء وإليهم الروائي الشابّ مروان غفوري الذي أصدر عن «دار الآداب» عمله "جدائل صعدة".