* قُماشة دامية

غزيراً كدمعة مُترسِّبة،
خجولاً كالرُّسوبِ المدرسيّ،
وقحًا كقـوَّادة،
سائبًـا كبلادي،
مُخربشًا... كعقلِ مجنون،
تافهًا مثل مساحيق التجميل،
صوريُّا كدولة،
شرِّيرًا كالحدود،
حالمًا، كالشُّعوبِ
فاشلاً كإلـه،
متغدِّرًا بهوادة،
كالمرأة في الأسطورة
والألغاز في البيوت...
هشًّا كرجل،
عنيفًـا كرَجُليـن،
بليدًا بذكاء،
مبتورًا كأمنية،
بسيطًا كجنديّ،
مُعقَّدا كدكتاتور،
مفلسًا كالصّيفِ،
ثريًا كمنغوليّ،
صعبًا كالتَّكامل،
كمريضٍ بلا زيارة...
كزيارةٍ بلا ورود...
كورودٍ بلا عاشق...
وعاشقةٍ بلا أسلوب،
وكمعطفٍ واسع
مُحتَّمًـا على تلميذة!
أيتامًا حقيرين
غلابى وثقوب
أيها القلب
القلب السهل...
في صعوبته بالذات.
القلب الرَّحب...
في البشَر الضيق.
القلب العذب...
في النار المرَّة...
في النار الخضراء...
في الحريّة!


* مناورةُ سرب تعاسات بشعاع خجول

تنتهي الخارطة يبدأ اليتم،
تضحّي الأراجيل برئة الموجوعِ،
ويُقفَل رصيدُ الأرض على شلالٍ من الموتى
..
أجيء وينهرني العابرون
أناورُ المفردة الهامشيّة
أغيبُ،
ليفرح شجرُ الغرباء
وأعودُ... مكابرةً،
لأرسب في الامتحان...
يلتئم جوعي على كرّاستي
جسدي خاطئٌ
يزدهرُ غديرٌ على جبهتي
..
تبدأ الخارطة حينَ يتنكّر الشعبيّ البسيطُ
في زيّ البهلوان وتنتحر الغابة،
حين تنفرد الظلال بالنّورِ والحرّية.
مأساتنا حديث متّفقٌ عليه،
سنسكرُ باليودِ والنتروجين،
نغشّ الحياة والعشبة الرّاكدة...
..
كان يومًا ماطرًا،
وجلاّدي قصيرًا كحلم،
ودمي أخضر.
فلا تسألوا من أين هذا العشبُ
ولا تسألوا الشّجر لماذا تخلّى
عن نفسهِ في مقتبلِ العمر
ولا تسألوا العمر لماذا تأخّر...
فالقبّراتُ جاهزة لاستلامِ الهدايا
والزّهرةُ التي في الخاطرِ شُرّدت،
وانتهى...
إلى مكبّ النّفاياتِ- عقلي
كما ينتهي العشّاقُ إلى عزلةٍ،
والأطفالُ إلى خدعةٍ،
والبطلُ جالسًا على قلبه الشّاغر...
..
أملك حقَّ البكاءِ العلنيّ،
وحقّ الغناءِ بالممحاة،
وأملك هذا الصّقيع،
لتهدئةِ مزاجِ عصفورةٍ طارئة
على المِشجَب!


*بائع السُّروج


يَرشُقُ بوردةِ عمرهِ التّراب،
عيناهُ مستوردَتان،
رأيناه يقاتلُ ريحًا طويلة
وتشتدّ عليه نبرة السّفن
كاد يضيعُ وأنقذته الغابتان،
هي النّار، صريعةُ هذا الرأس
والقلبُ قائدُ التأبينيّةِ،
خذ دِرعك المختوم بأنفاس المحتضَرين
وغادِر ملايين صغارِ الخفافيش
خذ وقتًا للدّائرة
وقطعة نورٍ لمعشوقتك المجهولة.
فإذا أصابك وباء النّجوم
وتمدّدت على قبرك الأباطيلُ
سيهبط من رحمِ الضّحيّةِ توأمك،
ليهدِمك.
شاعرٌ بجوارب من خيوط العناكب
مسحولاً من بداياتِ العصورِ
إلى أقفالِ التاريخِ
يسكُب قبلةً على مِرفقِ الخادمة،
وتحلم به الغجريّات،
يقول لهم: اصنعوا سدًّا
كلّا، ابتعدوا
ويبذّرُ نقود العِبارة
في كازينوهاتِ السّخفِ اليوميّ
يعابثُ المرأة الميتة منذ ثوانٍ،
والبحرُ يصغي
بموجاته المتعثّرة
لوطن يسكتُ ويتفاقم!
ليتك بخير...
لكنهم يشطبون أسماء الفائزين
أو يحشرونهم في مصحّ لغويّ
مجانين مجانين!
النّار تفقد توازُنَها
وتستيقظ الأبديّة
من نومها الفاتن
تترعرعُ طيورنا الحبيبة
في جنائن المأساة...
شاعرٌ بألف ظلّ
يقتادون ملابسه من المشرحة
إلى كوخه المائل،
إلى زوجته العنيدة،
ويقول لهم: حديقة خلفيّة لكلّ حانة،
حيث يُدفَن الشّعراء،
ويقول: نهرٌ خلف الأنهار
لتسبح أسماكنا الورقيّة
فيرقُدون!
شاعرٌ بطيء الفهمِ
ترافقه الجنّياتُ إلى كفّيه
فيغلق بابَ المحبّةِ،
يجالسُ النبوءاتِ والحشراتِ
والأمطار القديمة
ويقرمش العذاب.

* شاعرة من الجزائر