سعد سلوم

في «ديناميات الهوية: نهاية وانبعاث التّنوع في الشّرق الأوسط» (دار الرافدين)، يدعو سعد سلوم إلى ثورة ضد النّهج الحصري لحريّة المعتقد، لأنّه يتعارض مع حقوق الإنسان واحترام الكرامة الإنسانية للجميع. يتألف الكتاب من أربعة أقسام مختلفة. يشير الكاتب في القسم الأول إلى براديغمات مهيمنة تُخيّم على تغطية قضايا الأقليات في الشرق الأوسط، بسبب الأدبيات التي تناولها المبشّرون الغربيون والمستشرقون والأنثروبولوجيون. يدعو الباحث إلى إعادة اكتشاف التنوع الغنيّ في المنطقة ودراسة علاقة الأقليّات بالسّياق السّياسي والاجتماعي وحراكها الداخلي الفعّال. يُخصص سلوم القسم الثاني لتحليل التهديد الأكبر الذي يواجه التنوع الدينيّ في ضوء تطور خطابات الكراهية في العصر الرقمي والتحريض على إبادة الأقليّات. يُكرّس القسم الثالث لتوضيح فكرة استثمار التّنوع المجتمعي ونبذ سياسات الإدماج القسري في هويّة رسميّة واحدة. وأخيراً جاء القسم الرابع كمحاولة لتدارك مخاطر نهاية التّنوع من خلال مسارات متعدّدة وضرورة اعتبار التنوع الديني عامل قوة ومصدر ثروة دائمة لبلدان المنطقة.

أورهان باموق


صدرت حديثاً عن «دار الشروق» المصرية - اللبنانية رواية «ليالي الوباء» (2021) للكاتب التركي الفائز بجائزة «نوبل» أورهان باموق بترجمة جهاد الأماسي. تحكي الرواية قصّة فريق يسعى إلى وقف انتشار وباء الطاعون في جزيرة منغر؛ الولاية التاسعة والعشرين للإمبراطورية العثمانية، إلى جانب محاربة العادات والتقاليد البالية في تلك البقعة النائية. كما تتناول الرواية هواجس هؤلاء الناس وقصص حبّهم وعذاباتهم. «ليالي الوباء» رواية تاريخية تقدّم مشهداً بانورامياً للأيام الأخيرة للإمبراطورية العثمانية أثناء ولاية السلطان عبد الحميد الثاني، وتختلط فيها الأحداث الواقعية بالتخييل الروائي، وتنشغل بمشكلات الحجر الصحّي والخوف من الموت والغضب على الدولة المركزية. يُذكر أنّ هذه الرواية أثارت ضجة كبيرة فور صدورها، وأوصلت الكاتب إلى ساحات المحاكم التركية، إذ اتُّهم بإهانة مؤسّس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك من خلال ابتكار شخصية تُدعى كول آغاسي كامل، حيث أظهر باموق هذا الضابطَ بصفات تشبه صفات أتاتورك، وتتقاطع مع بعض تفاصيل حياته الشخصية.

جمال حجازي


يُصغي الشاعر اللبناني جمال حجازي بمتعة واهتمام بالغ للطبيعة وعناصرها في ديوانه «صهوة التَّعب» الصّادر حديثاً عن «دار البيان العربي». يفتح الشّاعر، المُحبّ للأرض حتى الانصهار، المسامات كلها كي يصل صدى الطبيعة إلى كل خلايا جسده المشتاق لعبير الزهور ورائحة التراب. تزدان قصائد الدّيوان بلغة بسيطة وعميقة وصريحة تنساب بحريّة الطير وعذوبة الماء ورقّة النسيم. يعي الشاعر تماماً العلاقة بين القصيدة والطبيعة والإنسان، ويعيشها بكل سلاسة وانسياب وتلقائية، عازفاً حروفه السّحرية على إيقاع هذا التعايش المنسجم، المتناغم بينها، حاملاً في قصائده الجميلة عطر الحقول وصدى الغابة وحفيف أوراق الشجر وصوت النهر. تتغنّى أشعار حجازي العذبة بمواسم الأرض وأمجادها وشموخها، وتنقل أبياته الدافئة همس الهواء، حفيف أوراق الشجر، صدى نايات الرعاة، تيجان الورود، وديمة الغيم. أما حالة الشاعر ودواخل نفسه، وفكره وعواطفه فتتجلى في قصائده من خلال إحساسه الخاص تجاه الطبيعة التي يلتحم بها ويجد فيها ملاذاً ومعرفة وإلهاماً، كأن الشجر، الغيم، النهر، العصافير وكلّ ما فيها هي أبجديته الأولى.

عبدالله حمودي


يتابع الباحث المغربي المعروف والأستاذ في «جامعة برنستون» عبدالله حمودي في كتابه «ما قبل الحداثة: اجتهادات في تصور علوم اجتماعية عربية» (دار توبقال) مشروعه الفكري الرامي إلى بناء علم اجتماع عربي وصياغة أنثروبولوجيا عربية. الكتاب عبارة عن مجموعة دراسات نشرها حمودي بين عامَي 2009 إلى 2021، وتدور في مجملها حول موضوع كيفية تأسيس رؤية عربية في دراسة الميدان. ولتحقيق هذه الغاية، يقترح الباحث العودة بنا إلى ما هو تقليدي أو تراثي، من أجل العثور على نموذج يتجاوز النموذج الكولونيالي الذي يحشر العالم كما يراه في خانة البدائي مقارنة بحداثة تحتكر الكونيّة لنفسها. يدعو حمودي إلى العودة لقراءة مؤلفين ما قبل حداثيين من أمثال العالم والباحث المسلم البيروني «بهدف التفكير معهم وضدهم، والتفكير بفضلهم والتفكير بأفكارهم ومن خلال أفكارهم» ولكي نُبدع من صلب منجزاتهم تراثاً معاصراً حياً ونؤسس لخطاب أنثروبولوجي متجدد يتحدى الهيمنة الغربية. يعتمد حمودي في دراسته هذه على نظريته السابقة (الشيخ والمريد) مع تطوير لها، ويسعى إلى البحث عن نبي أنثروبولوجي يساوي بين الشعوب، خلافاً للأنثروبولوجيين الأوروبيين في القرن التاسع عشر.

يوسف محمود العناتي


يعتبر يوسف محمود العناتي في كتابه «العربية.. التحدي والاستثمار» (دار الآن ناشرون وموزعون) أنّ اللغة العربية هي إحدى السِّمات الأساسية التي تُحدد هويتنا كعرب، فقد ارتبط بها دين الإسلام، والقرآن الذي نزل بها، وشكّل العامل الحاسم في حفظها على مرّ الزمن، رغم تراجع دور الأمة العربية على المستويَين الحضاري والإنساني. حاول الكاتب الأردني في بحثه هذا أن يُبيِّن أنّ اللغة العربية تتميز بنظامها الخاص الذي يعكس رقيّها وثراءها، هذا النظام الذي يقوم على النسق الصوتي في النطق ثم النسق الصرفي، والنسق النحوي في الإبانة والإعراب. يستعرض العناتي أبرز التحديات التي واجهت اللغة العربية في الماضي والحاضر، مثل: ازدواجية اللغة بين البيت والمدرسة، وانتشار الأمّية في العالم العربي، ومنافسة اللغات الأجنبية للعربية في الدراسة والاقتصاد والمجتمع في عصر العولمة والتحدي الإملائي والنحوي، ومحاولات التفريط بالحرف العربي وقواعد اللغة، ويقابلها في الاتجاه الآخر التزمّت والتشدد في عدم الميل إلى التجديد في اللغة. يقدم العناتي رؤيته لتفعيل دور اللغة العربية واستثمارها اقتصادياً في المجالَين الثقافي والخدماتي.

أليكسي سالنيكوف


عن دار «ثقافة للنشر والتوزيع»، صدرت رواية «ال بتروف والإنفلونزا وغيرها» (2016) للكاتب الروسي أليكسي سالنيكوف بترجمة منذر ملا كاظم. تدور أحداث الرواية حول عائلة بتروف، وهي أسرة روسيّة نمطية مؤلفة من «بتروف» الأب وهو ميكانيكي سيارات، و«بتروفا» الأم وهي تعمل كأمينة مكتبة، ولديهما ابن، لكنهما لا يعيشان معاً. يبدو أنه لم يكن ثمة شيء مميز في حياة ال بتروف. لكن الواقع اليومي يتفجّر في اللحظة التي تُصاب فيها الأسرة بالإنفلونزا، ويتّضح أن الحياة مليئة بالجنون والخيال والسريالية. تكاد تكون أحداث الرواية واقعية جداً، فهي تتناول تفاصيل حقيقية من واقع حياة الناس اليومية في روسيا في التسعينيات وأواخر سنوات الاتحاد السوفياتي. تمزج هذه الرواية المشوّقة أنواعاً أدبية عدة، وتُظهر بوضوح ودقّة كل تنوّع الروح الروسية، كما تحتوي العديد من التلميحات إلى الموت والأساطير المرتبطة به، خصوصاً أسطورتَي هاديس وبيرسيفوني.