نتيجة سياسات السادات القمعية وقتها، أصدر وزير الثقافة يوسف السباعي آنذاك قراراً بـ «تطهير» مؤسسات الدولة من الشيوعيين. ورغم أنّ صاحب «خالتي صفية والدير» (صدرت الرواية عام 1991 وطبعت مرات عدة وتحوّلت إلى مسلسل تلفزيوني ومسرحية) فوجئ بكونه شيوعياً لأنه ناصري، إلا أنّ لعنة الهجرة أو الغربة ظلت تلازمه حتى قبل ميلاده. كتب في مذكراته «السيرة في المنفى» تعليقاً على هذا القرار: «أبلغت أني الوحيد الذي أهدر دمه في الإذاعة، توقفت طويلًا، تأملت هذا الاستنفار العدائي تجاهي بدهشة، لم أكن أعرف أني شيوعي إلا عن طريق هذا القرار. كان يمكن أن يصبح الأمر مجرد قرار عليّ تقبله لو أني شيوعي بالفعل، لكن بعدما سألت نفسي: هل أنا شيوعي؟ قلت لنفسي: لعلهم يعرفونني أكثر مما أعرف نفسي». الهجرة كانت مفروضة على صاحب «واحة الغروب» قبل ولادته حتى. ذكر ذلك في «السيرة في المنفى» عن هجرة والده وتنقله بين الكثير من المحافظات من مسقط رأسه في الأقصر قبل ولادته. إلا أن بهاء طاهر لم يختر أن يكون مهاجراً في تاريخ بلاده، اختار أن يكون مثقفاً مشتبكاً مع كل ما يدور حوله. ورغم تقدمه في العمر، ذهب إلى ميدان التحرير في «ثورة 25 يناير». لم يفضل صاحب «بوكر» العربية (نالها عن رائعته «واحة الغروب» عام 2008) السلامة، بل اختار الطريق الأصعب دوماً. رواياته وأعماله دارت دوماً حول الغربة والقمع والمجتمع والثورة، والظلم، والطبقية، والكراهية، والعنصرية، والفساد، والازدواجية الغربية في التعامل مع الشرق، كما في «واحة الغروب»، و«قالت ضحى»، و«شرق النخيل»، فيما دارت أحداث «الحب في المنفى» (1999) في بداية الثمانينيات، قبل الاجتياح الإسرائيلي لبيروت وبعده.
كتب بهاء طاهر في «نقطة النور»: «لحظة واحدة من الخوف الحقيقي والحب الحقيقي بدلاً من هذه الحياة الكذب». وربما هذا ما اختاره طيلة حياته، أن يعيش في نقطة النور ويبتعد عن أي ظلمة في «واحة الغروب» التي اسمها الحياة. لم يبع ما آمن به، لم يبع النور الذي طالما طارده.