أيا رجُلاً يستفزُّ حنيني، أودّعُك الآنأغلق باب السّماءِ على ما تعتّقَ من قطراتِ المطر..
وأخفي بكلتا يديَّ عجين الألوهةِ.. تأكلُ نارُ الطّبيعةِ سرّ حنيني فأستجمعُ الذّات أقرأُ ما قد تبعثر في مقلتيكَ..
وفي ضحكةِ الغيبِ ترتسمُ الآن مثل الطفولة فوق المدى.. وهذا المدى لم يعد لسوانا.. فنحنُ صغارٌ أعدنا السّنينَ إلى قجّةٍ من زمانٍ عتيق..
ادّخرنا على الحزنِ أوجاعنا.. وجئنا نخبّئ ما قد تيسّر من دمعةٍ لا تريد النّزول.. فهذي الدّموع قداسة حزنٍ.. حصادٌ كبيرٌ لصدرِ الشّتاء..
مراسيلُ تُتلى على الوردِ حيناً وتُتلى كما طلسمٍ للفناء..

بيكاسو ـــ «امرأة باكية» (زيت على قماش، 1937).


وهذي الدّموعُ تقهقهُ تجرحُ تذبحُ.. تقتصُّ منّا ذنوب الْأُلَى وتلقي علينا ذنوب الذين سيأتون زحفاً لأرضِ الحياة..
الدّموعُ الدّموعُ اصطبارٌ وعشقٌ.. وقوفٌ ببابِ الحسينِ على أنهرٍ من أنين..
الدّموعُ قلادةُ ظلٍّ تفسّخَ يوماً كشكلِ الأديمِ بُعيدَ الجفافِ الذي قد أصاب القلوب..
الدّموعُ افتراشُ المشاعرِ فجراً على سفرةٍ من خواء.. وأمٍّ تكابدُ صوتَ الطّفولة يسلخُ حزناً تطايرَ من مقلتيها على جوعِ أولادها..
الدّموعُ انتظارُ المواعيد دون الجواب..
الدّموع قصائدُ فارغةٌ من دليلِ السّياحة.. كلّ السّطورِ تحبّ التّحرّر من أسرِ شاعرها لو لحين..
قصيدةُ عشقٍ تجاوزتِ الحدّ بعد المسافةِ ألقَت حجاباً على الجغرافيا وسالَت وروداً إلى أرضِ بابلَ.. صارت تَنَهّدُ مثل الشآمِ.. وراحت تفيضُ بدلتا النّيلِ، وتحلمُ بالموسمِ المخمليّ..

* عكار/ لبنان.