سالتْ دماءُ رصاصتيمذ أطلقَ الشعراءُ شعراً طائشاً في الجوِّ
محتفلين أنَّ قصيدةً قد أنجبَتْنا توأمين لروحها:
موزونُها الشعريّ توأمُهُ بها مشعورُها النثريّ
يا الله
اِرحمْ طلقةً ماتتْ على دينِ احتكارِ دمائنا
واشفعْ لها لم تستطعْ أنْ تثقبَ القمصانَ فوق مصيرنا
واغفر لكلِّ رصاصهم..
شفيق عبود ـــ «سوق سان بيار» (زيت على قماش، 2002).

إذ أنّهم
لا يعلمونْ
ما يفعلونْ
ماتت سلالةُ طلقتي مذ آمنتْ بالعيش
كافرةً بخالقها إذا ضغطَ الزناد.. على دمٍ
يمضي إلى دين السوادِ يضيئُهُ ويهرطقُ

الآن ماتَ الظلُّ فوق بلادهِ..
بعضي هناكَ بدونِ كافٍ عند مسطرةِ المكانْ
بعضي هنا مع كافهِ عند اقتسام الأرضِ خارطةَ المسافةِ بين قاتليَ الجبان
وبين نزفِ الأرجوانْ
لكنّه قلبي عصيٌّ..
مذ تشظيّتُ احتراماً للرصاصِ بداخلي..
قرأَ عليَّ كتابَهُ..
ثقبَ العظامَ بقامتي
دمجَ الرياحَ بنبضهِ
ثمَّ استوى فوق الأسى
بالناي يحيا كلّما هرَبَ الهواءُ من الردى
ويئنُّ من وجعٍ برأس القافيةْ
ويُجَنُّ من رؤياه إنْ سارتْ
على أرض القصيدةِ حافيةْ
لكنّه قلبٌ عصيٌّ لا يموتُ حنانُهُ
يأتيكِ ليلاً حين يجرحُهُ الحنين
ويصعدُ المعنى المهيّأَ زاحفاً كالماءِ
حتّى تقرئي عطشَ الأنينْ
فتمهّلي
ولتطرقي كلَّ الجهاتِ لتدخلي
كوناً فصيحاً بالسكوتِ
وشاعراً يتموسقُ
كونا فسيحاً بالقنوتِ
وعالماً يتأزرقُ
وتبَسْمَلي
لا شكَّ يرصدُكِ ابتهالُ الياسمينْ
وتدلّلي..
بالخصبِ والأزهارِ والوحي الأمينْ
فالقلبُ وحلٌ في مياهِ الآخرينْ
فتبلّلي
بكِ قد توضّأ قلبيَ المتعرّقُ..

وعليّ أن أجدَ الوجودَ
لكي أفكَّ قيودَ هذا التيهِ عن كينونةٍ
في الأبجديّات التي تتمنطقُ
فالتائهون الضائعون
تأوّلوا جهةً وبوصلةً تشيرُ إلى الصدى
وحدودَ أغنيةٍ ترنُّ بصمتِها أرضاً ولا تطأُ المكانْ
وتفرّقوا كرذاذ ماءٍ بعد أنْ كانوا
حشودَ البحر في إبريقِ من كسَرَ الدنانْ
والحاضرون الحاضرون
يضيّعونَ وجودَهم
إذ يضمرون
كنهَ الضمير
ويُدْخِلون ببابِ نيّتهم مفاتيحَ الهلاكْ
حسناً إذن.. إنّ النوايا مأزقُ
يا للأسى
عدمٌ يدقُّ شعورَنا فوق الصليبِ
ويطرقُ
بالله يا ماهيّة التعبير
كيف أقولُ إنّي ضائعٌ وسْطَ الأثير
في اللاهنا واللاهناكْ
أتفرّقُ
لكنّ قلبي فوق مسمارِ الأذى
زرعٌ وأوشكَ يورقُ
لا تقطفوا قلباً مشاعاً عابقاً..
لا تقطفوهْ..
قد يعشقُ

والريحُ ذاتُ الريح في كلّ الجهاتْ
إنْ أُطلِقَتْ في الريح ريشةُ طائرٍ
وبسرعةِ الطَلَقاتِ ماذا يختلفْ؟
للآن لمّا نكتشفْ
كلٌّ مشى بمسارِه..
كلٌّ مضى للموتِ من رحِمِ الحياةْ
فلنعترفْ..
بالبرزخِ الشفّافِ في سرّ العلنْ
بين النوايا والمرايا والذواتْ
وليأتلفْ فينا العفنْ
بعضُ التذاكي أحمقُ
هل تُوقفُ الزلزالَ في الصحراءِ قافلةُ الثباتْ؟
قد يصبحُ الريشُ المجنّحُ طلقةً تتخندقُ
أو طلقةُ العبَثِ المصفّحِ ريشةً وتحلّقُ
فلتفتحوا للغيبِ بابَ حضورهِ
ولتخرجوا من ذاتكم للعالمِ المنسيِّ أطفالاً
ولا تنسوا خيالَ الآخرين
وخلفكم بابَ الأنا أنْ تُغْلقوا..
* طرابلس/ لبنان