صدر «فلسطين ومحكمة الجنايات الدولية» (asser press 2019) للمتخصصة الحبشية في القانون الدولي سعادة حسين آدم قبل لجوء جماعة رام الله إلى محكمة الجنايات الدولية لمطالبتها بالتحقيق في جرائم العدو الصهيوني في «أراضي السلطة». ولا ندري إن كانت تلك الجماعة قد اطلعت على هذا المؤلف قبل اتخاذ قرارها ذي الصلة، أم أنها مدركة لأبعاد أيّ أحكام تتخذها تلك المحكمة في الخصوص. علماً بأنها تدعي أن الجانبين الصهيوني والفلسطيني ارتكبا جرائم حرب. بالمناسبة، ما سبب تسمية المحكمة بأنها «محكمة جنايات» وليس «محكمة جرائم». بصراحة لسنا متفائلين لا بمقدرات جماعة رام الله على التعاطي مع هذا الأمر ولا بدرجة استيعابها للمسألة وقدرتها على المواجهة. على سبيل المثال، لم يكن المرء في حاجة إلى امتلاك عيني زرقاء يمامة سياسيتين ليرى أن قيادة منظمة التحرير سائرة إلى الهلاك في درب القاع الذي لا قاع له عندما اختارت استبدال برنامج دويلة هزيلة بوطن وتبنّت مشاريع التسوية منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي. فمن المعروف أن النظام الرسمي العربي، بقيادة جمال عبد الناصر حينذاك، أطاح بالقيادة الوطنية الفلسطينية المستقلة حقاً عن الأنظمة وأتى بالقيادة الحالية المنصاعة لسياسات الاستسلام التي أقرها مؤتمر الخرطوم تسوية في أعقاب نكبتنا الثانية عام 1967.
يقيناً أن تحركات جماعة رام الله هذه ارتجالية وتأتي، كالعادة، رداً هزيلاً على المأزق الألف العاشر بعد المئة الذي وجدت نفسها فيه بسبب سياساتها الغبية قصيرة النظر والحمقاء والمتغطرسة وهبلها الذي ما بعده هبل.
بالعودة إلى المؤلف، تقول الكاتبة: إنه يتعامل مع التحقيقات والمحاكمات المحتمَلة من المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم التي «يُزعم» أنها ارتُكبت في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ويفحص، من بين أمور أخرى، المسار والنتائج المحتملة والتحديات التي قد تنشأ إذا تم عرض الوضع الفلسطيني على المحكمة في ضوء نظام روما الأساس وممارسات مكتب المدعي العام للمحكمة.
المحكمة أداة سياسية وليست حقوقية في المطلق


يتم تناول الموضوع عبر المسار الذي سيستخدمه المدعي العام للمحكمة بشكل عام للتعامل مع مختلف الحالات موضوع التقصي. يقدّم العمل الإجراءات خطوةً بخطوة يتم من خلالها فحص الوضع في فلسطين والتحقيق الأولي، ويتناول مسائل الاختصاص القضائي، وتلي ذلك مناقشة المفاهيم الأساس للتكامل والجاذبية لتحديد المقبولية أمام المحكمة الجنائية الدولية. ويتم التعامل مع الجرائم «المزعومة» الفريدة بشكل خاص في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، مثل بناء المستوطنات والتشريد القسري وهدم المنازل ومصادرة الأراضي وجريمة الفصل العنصري والحصار على غزة، في ضوء نظام روما الأساس والقانون الدولي.
بناءً على نظريات ما يسمى «العدالة الانتقالية»، تحلل الكاتبة الآثار المحتملة لتحقيق المحكمة الجنائية الدولية والملاحقة القضائية في النزاع، ويتم تبادل عدد من الأفكار في ما يتعلق بآثار المحكمة الجنائية الدولية في مكافحة الإفلات من العقاب، وتعزيز دولة فلسطين [كذا!]، ومفاوضات السلام واستقرار المنطقة. نظراً إلى تسييس النزاع ووضع مصالح مختلفة على المحك، تتم أيضاً مراجعة تأثير مشاركة المحكمة الجنائية الدولية في مصداقيتها.
ترى الكاتبة أن في ضوء إدراك التأثيرات العديدة للصراع في وجود الدولتين وتعدد أسباب استمراره، فإن قراراتها أو أحكامها توفر أيضاً بدائل أخرى لحل النزاعات يمكن أن تمكّن المصالحة والسلام المستدام في المنطقة.
ثمة نقطة مهمة يتجاهلها المؤلف كما جماعات رام الله هي أن المحكمة أداة سياسية وليست حقوقية في المطلق. فهي تنظر إلى القضايا المرفوعة أمامها بعيون غربية استعمارية سياسية حولاء وهي ليست مستقلة عن مؤسسيها ومموليها والمتحكمين في قراراتها، والذهاب إليها تصرف جديد من ميليشيا رام الله يعترف بالعجز عن المشاركة في النضال الوطني الفلسطيني ضد الاستعمار الاستيطاني الصهيوني في فلسطين كاملة، ناهيك عن قيادتها.
ثمة موقع في الإنترنت خاص بالمحكمة يحوي معلومات مهمّة للقراء الراغبين في الاستزادة ومنها معلومات للمجني عليهم ولمن يمثلهم حول الإجراءات القضائية الجارية المتعلقة بالحالة في فلسطين.
قسمت الكاتبة عملها إلى ستة فصول على النحو الآتي، لكنها أثرَت كلّ واحد منها باستهلال وختمته باستنتاجات تسهّل على القارئ متابعة المناقشات:
1) المقدمة ونظرة عامة.
2) الخلفية التاريخية والسياسية للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.
3) الإعلان الفلسطيني المخصص لعام 2009.
4) اختيار القضايا والجرائم بموجب نظام روما الأساس.
5) وجهات نظر حول تدخّل المحكمة الجنائية الدولية في فلسطين
6) استنتاجات وتوصيات.

* Palestine and the International Criminal Court. asser press (2019). 240 pages. seada hussein adem