فنسان اكسوس ــــ «عن الوحدة» (زيت ــــ 40.6 × 50.8 سنتم ــــ 2019)

[إلى مهند يونس]

1- كلمة الليلة الأخيرة
إنها الواحدة والنصف
ليلاً..
ما زلتُ سعيداً 
عشت يوماً عادياً 
استيقظتُ وحيداً جداً وسأنام وحيداً كذلك 
مرتاحَ البال 
وبلا عناق، 
أقولُ للعالمِ:
لا فرق، كنْ كما شئِت.
¡¡¡
أصحو مع العصافير 
وأنام مع الكلاب 
أربيّ قط شوارع أجرب 
وغزلاناً متطوّعةً لقصائد لا تركض 
لديّ ملامحُ أجنبيٍّ أو غريبٍ في منفى 
وأحتفظُ بعلامة متشرّد على جبيني 
أبدو كغولٍ عندما أضحك 
كدودةٍ عندما أبكي 
يعرفني الباعة الجوّالون وعمّال النظافة 
ثيابي متّسخةٌ وجيوبي مثقوبة 
في رأسي سوق خضارٍ ومشترون 
وفي قلبي فواكهَ بالمجان.
¡¡¡
ليس هنالك من مكانٍ 
كل الخرائطِ لا تصلحُ 
بيتي مشيدٌ بآثامِ امرأةٍ تركتها 
فيه أغنّي وحدي 
وأنام وحدي 
لا أحلمُ بأحدٍ، لا أتذكّرُ أحداً..
لو يتنبّأ بي 
بستانيٌ أعور 
لو يراني بعينهِ المطفأةِ فقط..
أحلمُ لو أكون الشجرة التي أصعدها 
في الطفولة 
وأن تكونَ لي مليون ذراعٍ 
ألعب بها بالدسائس 
مع هذه الثعابين 
أن تحتفي بي حشرةٌ منقرضة 
وأن تنتهي سلالتي..
قبل أن تبدأ.

2- صلاة يومية لوردة الشرفة
طوال حياتي بلا أحد،
أحفر بالطوبِ وجنتيّ
اللتين مثل قبرٍ منبوش
أرسمُ بيتي قبالة نهرٍ 
بلا ماءٍ..
لأعطشَ لك أيها العالم البغيضُ
أيها الأصدقاء البعيدون والتائهون
أيتها الربّاتُ
يا صفوة ما في العدم.
أعبد وردة
وأقدّس عيني البلاستيك
لا أعجبُ أحداً..
كل قطارٍ يمضي
أصفّق له بيدينِ من فولاذٍ
مرتاحاً على سكّة لا تقود لشيء.

3- الندوب وحدها
من خشبٍ 
لا يصلح للدفنِ
بنى ميتون غرفتي
إنني محاصرٌ على الدوام
بقبورٍ لا أفلحُ بسقايتها.
أصيصُ الوردة التي بلا اسمٍ، 
فيه طينٌ، لا معنى له، 
منه خلقتُ، أنا المبتلّ 
حتى أخمص جذوري 
بالماء 
المتجدد.
¡¡¡
شيئاً فشيئاً تموت الشجرة..
الندوب وحدها تقاوم الفأس.

4- كعب التعب
لا أتقن المشي، لا أتقن الرقص
لا أتقن رفعَ رأسي عالياً
وكره حذائي
أنا ابنُ اسكافيٍ
كان يعملُ في رصفِ الطرقات
كي تمُرَّ بكعبٍ عالٍ أيها العالم.

5- فتات
أهديكَ 
هذه القصائد كلها
لتقبلها كزهورٍ من يدٍ خشنة أيها العالم
ولتبقِ لي هذه الحشائش العالقة
ممشاي الوحيد
فتات ما أمكن.

6- البشارة
بمحبةٍ 
أفتح نافذة غرفتي
منتصف الليل
وأبصق على العالم 
فوق رأسي لوحة 
هدية عيد ميلادي الأول
يفتح الأنبياء أذرعهم 
كملائكة، 
ويبشرون بي.

7- العتمة
كلما انطفأ ضوء 
أعرف أن امرأة فُقِدت الآن 
وأن رجلاً سيظل يبحث عنها طوال حياته
أعرف أن الضوء خلق من أجل هذا 
هو الإشارةُ..
والعتمة هي الطريق اﻵن.

8- ثلج..
تفتحين مظلتكِ السوداء
وتسيرين وحيدةً..
كأن كل هذا البياض
ليس ذنبك!

9- يدكِ
ولدتُ حجراً قبل يدكِ، هكذا رميتُ بمقلاعِ 
والآن، يا للمتعة، أنصتُ وحولي التوابيت:
أنا الصخرة التي يرتاح عليها الألم
إذا تعب.

10- يوم، كأي يوم
يومٌ ممل وبلا أيادٍ، يومٌ من هنا تماماً، 
قصير، كقصةِ حب،
طويل، كخيبة أمل،
وفقير..
كأيادٍ ممدودةٍ في الهواء..

11- ضريح
رسم قارباً
وأبحر فيه
رسم حبيبةً
وتركها
رسم عصافير وأغاني
رسم ضحكاتٍ ودمى
رسم مقاعد للدلافين والقنافذ
طوّق المركب بالورد
وحين ذبل
أحرق اللوحة
وجلس إلى الأبد في الضريح.

* غزة/فلسطين