تحية كاريوكا: مذكّرات الغاوِية العالِمة

  • 0
  • ض
  • ض

بالتزامن مع بداية الحركة الشيوعيّة، انحازت تحيّة كاريوكا إليها بلا مواربة. انغمست بالعمل السياسي مع «الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني» (حدتو)، فوجدت نفسها وراء القضبان مرّات عدّة. واصلت نضالاتها رغم أنها كانت قد صارت أيقونة في الرقص الشرقي في مصر والعالم العربي. كانت الشابّة تدعى بدويّة محمد كريم النيراني (1919 ــ 1999) إلى أن لقّبتها الراقصة اللبنانيّة بديعة مصابني بتحيّة، بعدما التحقت بفرقتها المسرحيّة. ستضاف إلى اسمها لاحقاً رقصة الكاريوكا المكسيكيّة التي تعلّمتها وقدّمتها أمام الجمهور. استمرّت تجربة كاريوكا حوالى 60 سنة. منذ انطلقت من «كازينو بديعة» بجوار النيل، عاصرت حقبات وتحولات سياسيّة واجتماعية مختلفة بدءاً من الملك فاروق، وجمال عبد الناصر، وأنور السادات وصولاً إلى حكم حسني مبارك. لم تغب الراقصة الفاتنة عن الكتب والسير والمسلسلات، حتى نقول إنها عادت. كتب عنها إدوارد سعيد الذي زارها في شقّتها عام 1989، ووصفها بأنّها المرأة الفاتنة المغويّة، لكن أيضاً «العالِمة» التي تنتمي «إلى عالم النساء التقدميات». لا شكّ في أن التجربة السياسيّة لكاريوكا، وحضورها المثير والمحبّب على المسرح والشاشة الذي كان فعلاً سياسياً بتحدّيها للتقاليد المحافظة لعائلتها في محافظة الإسماعيلية، ضاعفا اهتمام الكتّاب بها من بينهم سليمان الحكيم الذي كتب «تحيّة كاريوكا بين الرقص والسياسة» عام 2002. جوانب جديدة من شخصيّة كاريوكا وسيرتها ستصدر قريباً في كتاب «مذكّرات كاريوكا» عن «دار نهضة مصر». تحمل المذكّرات توقيع كاتب أدب الجاسوسية صالح مرسي، وقد اهتدى إليها الباحث المصري محمّد توفيق أخيراً. تشتمل السيرة على 30 حلقة، كان مرسي، الذي كتب سيرة ليلى مراد أيضاً، قد نشرها في «مجلّة الكواكب» بداية السبعينيات. رحلة بحث طويلة قادت الباحث توفيق إلى هذه السلسلة التي تغطّي حياة كاريوكا منذ ميلادها وصولاً إلى «ثورة يوليو»، جامعة تفاصيل وملامح السيرة الشخصية مع المناخ المصري السياسي والثقافي، مروراً بعلاقة كاريوكا برؤساء مصر الذين لم تنجُ من السجن في أي من فترات حكمهم. يأتي الكتاب، ليتوّج الرحلة البحثيّة لتوفيق في سير أهم الرموز الثقافيّة المصرية في مؤلفات «أيام صلاح جاهين»، و«الخال ــ عن سيرة عبدالرحمن الأبنودي» وكتب أخرى.

0 تعليق

التعليقات