تغريدة واحدة على تويتر قد تشعل شبكة الإنترنت! هكذا ذهب «كبار المغردين» إلى هذا الموقع، بعيداً عن شعبوية فايسبوك، كأن المسألة باتت طبقية في المقام الأول، فهنا سيحسب عليك عدد الأحرف: 280 حرفاً فقط، على عكس فايسبوك المفتوح على الثرثرة والشجن الشخصي والعواطف المسفوحة على مدار الساعة.

في كتابه «تويتر مسرح القسوة» الذي سيصدر قريباً (دار ميلاد- الرياض)، يفكّك الناقد محمد العباس سرّ العدوانية الفائضة في تويتر التي تتمثّل في ابتكار العبارات الجارحة، ويتساءل مستغرباً: «كيف يمكن فهم تلك النفسيات المغرمة بإذلال الآخرين، ومعاداة الآخر؟». سيضع هذه النفسيات في باب التوحّش، ذلك أن المغرّد البذيء يبعث برسائل صادمة ومؤذية لأن «منسوب العنف» لديه، يجعله دوماً في حالة تأهب لمهاجمة المختلفين معه والحطّ من قدرهم وتبديد أي فرصة للتفاهم معهم. هكذا ندخل في السلوك التدميري كمنهج أساسي في الخطاب، فـ «الاختلاف على الأفكار وبها قد لا يؤدي إلى تصعيد الحالة العدائية ما بين المتحاورين. لكن عندما تكون لدى أحد الأطراف قابلية تحويل الاختلاف الفكري إلى خصومة أخلاقية، تتغير خارطة المجابهة. عندها، يتحول الجدل إلى صراع حول القيم التي تلامس جوهر العلاقات الإنسانية». صورة المغرّد العدواني إذاً، ستتكشّف عن سلوك هستيري بقصد تحطيم الخصم المتخيّل. ويرى محمد العباس أن هذا الصنف من المغرّدين، هم اليوم سادة المشهد التويتري، في مقدمتهم المثقف المستخفّ بخصمه «بذخيرة غوغائية لا يمكن الوقوف في طريقها»، مستفيداً من السياق الثقافي الاجتماعي الذي يؤسس لحالة العداء ويرعاها بمختلف الوسائل. وهذا هو ما يشجعه على اقتحام الفضاء الروحي للآخرين والتطاول على مجالاتهم النفسية والمعنوية. اليوم، علينا أن نفحص زمرة دم المغرّد، هل هو بلبل أم غراب؟ (الرسمية لصوفيا ماملينغ)