في تلك الفترة، وصل الاضطهاد العرقي إلى أقصاه في الولاية الأميركية، أي خلال السنوات المبكرة من حياة دارنل ل. مور الذي قرر أخيراً مواجهة طفولته عبر الكتابة. مؤلفه الجديد «لا رماد في النار» (Nation Books) الذي صدر أخيراً في أميركا هو أشبه بسيرة ذاتية فرديّة وجماعية حول القوى المجتمعيّة العامّة التي تحاول أن تؤطّر الأفراد وتبتر حيواتهم. قبل مواجهة ماضيه، مرّ الكاتب والناشط الأميركي بمحاولات انتحار كثيرة.

تمشي السيرة الروائية على الطريق الصعبة ذاتها التي مرّ فيها الكاتب الشاب. لا يخف كآبته وتعثّراته وضعفه وتراجعه مراراً. إذ إن خيار الهويّة هنا يقابله خيار الأمان. على من هم «مختلفون» أن يتنازلوا عن أحدهما. عمل مور ونشط مع حركة Black Lives Matter، التي حاولت التعويض عن خيبات الجيل الأسود السابق في أميركا ضمن فورة فنية وأدبية أشمل أثارت مواضيع الهويات القاتلة المزدوجة: أن تكون مثلياً جنسياً وتنتمي في الوقت نفسه إلى أقليّة عرقيّة كما في فيلم Moonlight. إشكاليات زخرت بها أيضاً كتابات الجيل الذي هيّأ الوعي لخروج الحركة إياها، مثل جيمس إيرل هاردي وأوزادينما آيويلا وإي. لين هاريس، ومارشا جنكينز-ساندرز. لا تغيب هذه اللعنة الهوياتية عن سيرة مور. الصراع هنا متشعّب. لكنه غالباً ما يكون مع النظام الأميركي السائد ووجوهه. مع المدرسين ومع الشرطة على الطرقات، وتطرّف الإعلام في تناوله لتلك الأحياء السوداء الفقيرة. «أنا رجل أسود أحبَّ وشعر بالحميمية تجاه الرجال والنساء، أنا رجل أسود تحدّى المعايير الاجتماعية. أنا رجل أسود كبر وعاش في عصر الهيب هوب والسيدا» يكتب مور كما لو أنه يطمئن مَن أُقنعوا مراراً بأن رقتهم لا يمكنها أن تنسجم مع بشرتهم الداكنة.