-1-
قيلَ لي: هذا المّمرُ سيُفضي بي إلى حلبةِ رقصٍ ترتادُها النُجُوم بالليلِ والموتى حين يعودون مُنهكين من زرع أحلامهم في الغيوم. وأنّه ثَمةَ أدراج خفية ستدلني على الكنز. كمْ من آلافِ الأميالِ قطعتُ وإلى الآن ما زلتُ أحملُ فانوسَ اليأسِ وأجوبُ ضبابَ البريّة بحثاً عنها. أُجرْجرُ جُثّةً عليَّ أن أوقظَ فرحها بهدوءٍ، قبل أن تشيخ. أغنّي للوهمِ كغرابٍ بعيونِ نسرٍ مهزومٍ فيما الندمُ يصهلُ بجواري ولا شيء… لا شيء…. لا ملائكة على حلبةِ رقصٍ، لا نجوم ولا كنز في الريح.
من فرطِ التحديقِ في عينيّ الطريق صرت نبيَّ السحالي أُرشدهنَّ إلى أوكارهنَّ. وحين تنفد حيلتي، نقتعد أنا والريح حجراً ونحصي لكِ الخسارة التي انحدرتْ منها أقدامي. كلما يلوّح لي النّهرُ عارضاً عليّ ملامح الوجهة، تعثّرت بالطريق وبالسحليةِ الموشومة على آخرِ فقرةٍ من عمودكِ الفقريّ. أرأيتِ؟ لا أنا الآن في دارِ الحياةِ ولا الجثة وَصَلْتُ الى دار الآخرة ولا أنا اهتديتُ الى حانة الموتى.
-2-

ما نفع الدروب عندما تمتد الى أدِيمها أصابع غامضة ويستوطنها الوشاة؟ لا تعوّل على الضجيج على الذاكرة على حشود كأنها طرائد، فكم من غابة ليست رحيمة بظلالها. غريب تقود خُطاه المفاتيح وليس الحنين. خُطاك المضاءة بالحزن تتأرجح بين الورق المذهب وخريف النتائج. صادقة خطواتك، تحضنُ ما تيبس من ورودها ولا يعصمها من معَاوِل اليأس إلا حدس المسافةِ! ما أشدّ وحشة الأثرْ حين يدّعي ملامح المنفى! الدروب تذبل أصواتها وتموت على مهلٍ تحت أقدام النسيان فلا يشعر بها العابرون. دربْ دروبك تيمناً بملائكة، ربما ستفزعها فجيعة نبي. واهمٌ من يبشرُ بالوصول، ما من بشر قد وصلَ، و لا شيء يفضي إلى الوصول. ثمة فقط دروب ودروب وشعر وشعر، أبعد من المنفى فاعبر كغيمة تمنح خطاها للأبد، ولا تنس وجه العزلة. أنتَ، سادن المقبرة الأمين وبستانيها الذي يعتني بالجفاف وبالورود معاً.
* شاعر من المغرب