تُشَكِّلُ الكتابة الآلية écriture automatique المجال الخصب لتوليد الصور الشعرية السريالية، حيث لا يقوم بروتون، هنا، فقط برص الصور، وإنما يخلق لها قالباً جُمَلِيّاً، نحوياً، تُنَظَّمُ فيه عبر تسلسل واعٍ. وتعتبر هذه القصيدة النموذج الأمثل للقصيدة الباذخة بالصور الشعرية، فبعضها مثير للدهشة بكونه نتاجاً لآلية الكتابة؛ لكن القصيدة ككل، عبر لعبة الترادفات، والتصاديات والتوازيات، تبين بجلاء عن حضور بديهة الشاعر دون أن تفقد القصيدة زخمها الشعري. شيئاً فشيئاً يحيل شلال الاستعارات جسد المرأة فضاءً يشغل كل مكونات الأرض [الإنسانية، المعدنية، النباتية، الحيوانية]، حيزاً يستجمع العناصر الأربعة، أي الكون بأسره، لتصير القصيدة عنصراً خامساً [وِفْقَ تعريف روني شار للشعر]. إنه احتفال باللغة والحياة بعيداً عن كل الإكراهات، أياً كان أصلها. كلمات تحتفظ بِلُغْزِيَّتِهَا، فلا شيء يمنع اجتماعها وجُمَاعَهَا، في كُلٍّ يشكل تشويشاً كتابياً يُوَلّدُ عفوياً وعبر المفارقة نظاماً هو عينُه نظام الخلق الشعري، دون رقيب ذاتي أو خارجي.القصيدة لوحدها تشكل ديواناً، صدر في 1931، في الشَّبِيبِ بجسد زوجة أندريه بروتون: سوزان موزار.
أندريه بروتون رفقة زوجته، موضوع القصيدة، سوزان موزار

إمرأتي ذات الْجُمَّةِ من نار الحطب
ذَاتُ الأفكار من بُرُوقِ الحرارة
ذات قَدِّ الساعة الرملية
إمرأتي ذات قد القندس بين أنياب النمر
إمرأتي ذات الفاه من شريط التزيين ومن باقة النجوم الأقل بزوغاً
ذات الأسنان من بصمات الفأر الأبيض فوق البِلاط الأبيض
ذات اللسان من عنبر وزجاج صقيلين
إمرأتي ذات لسان القربان المطعون
ذات لسان الدمية التي تفتح وتُطْبِقُ عينيها
ذات اللسان من حجر خارق
إمرأتي ذات الحاجبين من أصابع طبشورة لِتَكْتِيبَاتِ الأطفال
ذات الهدب من حافة عش الخطاف
إمرأتي ذات الصدغين من أَرْدُوَازٍ لدفيئة الاستنبات
ومن بخار على زجاج النوافذ
إمرأتي ذات المنكبين من نبيد الشامبانيا
ومن فسقية ذات رؤوس دلافين تحت الجليد
إمرأتي ذات الزندين من أعواد الثقاب
إمرأتي ذات الأصابع من زهر النرد ومن آس القلب
ذات الأصابع من حشائش مقطوعة
إمرأتي ذات الإبطين من فرو السَّمُّورِ والكلأ
من ليل عيد القديس يوحنا
من جَنْبَةِ الرِّبَاطِ وعش أسماك أمازونية
ذات الساعدين من زبد البحر ومَوَازِنِ القناة
ومن مزيج القمح مع المطحنة
إمرأتي ذات الساقين من مِبْرَمِ الساعة
ذات حركات دولاب الساعة واليأس
إمرأتي ذات الرَّبْلَتَيْنِ من لُبِّ البيلسان
إمرأتي ذات القدمين من أحرف تستهل الكلمات
ذات الرجلين من حزم المفاتيح ذات الرجلين من جَلَافِيطَ يشربون
إمرأتي ذات الجيد من شَعِيرٍ غير مقشور
إمرأتي ذات النحر من واد الذهب
من موعد في مهد السيل عَيْنِهِ
ذات النهدين من ليل
إمرأتي ذات نهدي الرابية البحرية
إمرأتي ذات نهدي بوتقة الياقوت الأحمر
ذات نهدي طيف الوردة تحت الندى
إمرأتي ذات البطن من انبساط مروحة النهارات
ذات البطن من مخلب عملاق
إمرأتي ذات ظهر العصفور الهارب شاقوليا
ذات ظهر الزئبق
ذات ظهر الألق

توليفة [كولاج] من صنع أندريه بروتون، پول إلوار وسوزان موزار

ذات الرقبة من حجر مدحرج وطباشير مبتل
ومن وقوع قدح شُرِبَ منه للتو
إمرأتي ذات الحقوين من زورق
إمرأتي ذات الحقوين من ثريا وريشات السهم
ومن ضَمَّاتِ ريش طاووس أبيض
من ميزان لا مبال
إمرأتي ذات الردفين من صلصال رملي وحرير صخري
إمرأتي ذات الردفين من ظهر التَّمِّ
إمرأتي ذات الردفين من ربيع
ذات الفرج من دَلَبُوثٍ
إمرأتي ذات الفرج من طمي التبر وخُلْدِ الماء
إمرأتي ذات الفرج من أُشْنَةٍ وقطع حلوى قديمة
إمرأتي ذات الفرج من مرآة
إمرأتي ذات العينين المغرورقتين بالدموع
ذات العينين من شَكَّةٍ بنفسجية وإبرة ممغنطة
إمرأتي ذات العينين من مفازة
إمرأتي ذات العينين من ماء للارتواء في السجن
إمرأتي ذات العينين من حطب تحت رحمة الفأس دوما
ذات العينين من مستوى الماء من مستوى الهواء التراب والنار