القاهرة | أخيراً، قررت الناقدة المسرحية عبلة الرويني الإفراج عن رسائل الكاتب المسرحي السوري سعد الله ونّوس (1941 - 1997) لتكون متاحة للقارئ، بعدما احتفظت بحوالى 30 رسالة على مدى 30 عاماً. الرويني بدأت كتابة المقدمة الشاملة عن علاقة الصداقة التي جمعتها بصاحب «طقوس الإشارات والتحولات»، ومن المتوقع أن تدفع بها إلى النشر خلال الأسابيع القادمة.
الرسائل ليست شخصية، فقد كتبها ونوس خلال فترة توقفه عن الكتابة، وكانت بمثابة محاولة للبوح، ومراجعة الأفكار والذات في العديد من القضايا التي انشغل بها. في تلك الفترة، كتب رسائل إلى الناقد الراحل فاروق عبد القادر الذي اعتبر في إحدى مقالاته أنّ هذه الرسائل «كنز أدبي». توضح الرويني: «لم أكن أرغب في نشر رسائله إليّ، ، لكن القيمة الأدبية والفكرية والسياسية التي تنطوي عليها كآرائه وأفكاره في الكثير من القضايا وأحداث التاريخ وإضاءة لبعض نصوصه المسرحية، والمعارك التي أثارتها... كل هذه العوامل شكّلت دافعاً أساسياً للنشر، كما أن فقدان رسائل سعد الله إلى فاروق عبدالقادر وربما رسائله إلى علي الراعي وكاتب ياسين كانت سبباً آخر دفعني إلى النشر». في الرسائل، نقرأ آراء جريئة لصاحب «مغامرة رأس المملوك جابر» حول المهرجانات المسرحية التي شارك فيها، ودور المثقف التنويري العربي، متخذاً من لويس عوض نموذجاً. يحاول التعمّق بما جرى في 5 حزيران، مطالباً الماركسيين العرب بمراجعة مواقفهم من الليبرالية والفكر الليبرالي، وأسباب انكسار المشروع الناصري، والمعسكر الاشتراكي، وهشاشة القوى السياسية وضعف قدرتها على المقاومة، وحرب الخليج وما أصابتنا به من عري كامل، هو الذي قال في إحدى رسائله إلى عبلة الرويني: «إنّنا مهزومون حتى العظم (...) أقصى حدود الايجابية أن نقبل الهزيمة لا أن نراوغها. أن نواجهها صراحة لا أن ندفن رؤوسنا في الرمال»، ويتنبأ ونوس: «إنّني متشائم جداً من أزمة الخليج. أدرك أننا مقدمون على تغيرات بنيوية، وربما مأساوية، في وضعنا القومي والاقتصادي، والاجتماعي، والمستقبلي». رؤية ونوس «الكابوسية» للعالم العربي هي التي تتحقق يوماً بعد يوم. وقد سبق للرويني أن أصدرت كتاباً نقدياً عن ونوس بعنوان «حكى الطائر» تضمن مقالاتها النقدية عن أعماله المسرحية.