حنين معاذ الآلوسي (1938) إلى العراق لا ينطفئ. في بغداد أفضت محاولاته لاستعادة منزل الطفولة، إلى بناء «البيت المكعّب» المطلّ على نهر دجلة، الذي ينهل من التصاميم الداخلية للبيت البغدادي التقليدي، ومما بقي في رأسه من ذاكرة الطفولة. شهد المنزل، اقتحاماً لجنود أميركيين أثناء احتلال العراق، والعبث بمحتوياته وأسسه من بينها عمل للفنانة نهى راضي.
إلى جانب مشاريعه المعمارية في العراق وخارجه حيث ترك مساحة للحميمية الإنسانية، شكّلت الكتابة لدى معاذ الآلوسي (1938) أيضاً ممراً نحو العمارة البغداديّة بطريقة ما. انشغل المهندس والرسام والباحث العراقي، بعمارة بغداد وتأثراتها وماضيها كما بماضي العمارة العراقية والعربية على نحو أشمل. دوّن الآلوسي في «يوميات بصرية لمعمار عربي» (1983)، رؤاه لعمارة الأقواس نابشاً أصولها البابلية والآشورية. وفيما كلّف بتخطيط مشروع إعادة إعمار شارع حيفا في بغداد، بعد حرب الخليج الأولى، إلى جانب رفعة الجادرجي ومعماريين آخرين، خص الشارع بفصول من مؤلّفه «نوستوس ــ حكاية شارع في بغداد» (2012) الذي يسرد فيه قصصاً وحكايات للحظات من ذاكرة العمارة العراقية ومن تجاربه الشخصية، وهجراته التي أبعدته عن العراق لسنوات. مؤلّفه الجديد «توبوس ــ حكاية زمان ومكان» الذي صدر قبل أيام عن «منشورات الجمل»، يكمل ما بدأه في كتابه السابق، جاعلاً من تجربته الشخصية، مدخلاً إلى الذاكرة الجماعية الثقافية والعمرانية في البلاد. كأنما الآلوسي يحاول مواجهة التغريبات العراقية الكثيرة، مستعيداً وجوهاً ومحطّات ذهبية من النسيج العمراني والبشري والثقافي الذي جاءت لتقضي على ما تبقى منه، قوى الخراب التي اجتاحت البلاد أخيراً.